دراسة: عبد الكريم بدرخان
لطالما كانت مشكلة الحريات مشكلة أساسية في بلداننا، ومنها تتفرّع مشكلات أخرى. فمن دون الحريات لا حياة سياسية ولا مجتمع مدني، ومن دون الحريات لا صحافة ولا ثقافة ولا إبداع، ومن دون الحريات لا عدالة ولا مواطنة، ومن دون الحريات لا ديمقراطية ولا عَلْمانية. وتبدأ هذه الحريات من الحرية الشخصية أو الفردية، وتنتقل إلى العمل المدني ثم إلى النشاط السياسي.
ومن الحريات الشخصية التي يتمتع بها الفرد في الدول الديمقراطية الحديثة؛ حرية ممارسة الجنس الغيريّ أو المثليّ دون مانع قانوني أو مجتمعي. ولم تأتِ هذه الحرية من كونهم (الآخرين) قد وُلدوا ديمقراطيين أو متحرّرين، ولا لأنّ ثقافتهم متحضّرة وثقافتنا متخلّفة، بل جاءت بعد ثورات سياسية وحقوقية وعمّالية وطلّابية ونسوية… قلَبَت السلطات القديمة، أو غيّرت من طريقة تعاملها مع الشعب في مسألة الجنس.
وفي سوريا بعد بداية الاحتجاجات عام 2011، وظهور العمل المسلح ضد النظام، وبروز خطاب الإسلام السياسي والإسلام الجهادي من خلاله، لعبتْ مسألةُ الحريات الشخصية دوراً في اتخاذ المواقف السياسية لدى الأفراد، تأييداً للنظام أو معارضةً له، كما لعبتْ دوراً في اختيار مكان الإقامة أو الهروب منه. فبينما ظهر النظامُ بمظهر العَلْماني الذي لا يتدخل في الشؤون الشخصية للأفراد، لا في لباسهم ولا في طعامهم أو شرابهم، ولا في سلوكهم الجنسيّ الغَيْـريّ أو الـمِثْليّ؛ ظهرت المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بالصورة التي تقمع الحريات الفردية، وتُجبر النساء على ارتداء الأسود والجلوس في البيت، وتُقيم الحدَّ على من يقربُ الخمر أو الجنس. وكل ذلك صحيحٌ وبنسبةٍ عالية.
لكن هل صحيح أن النظام السوري كان يقمع الحريات السياسية فقط، بينما يسمح بالحريات الفردية بما فيها ممارسة الجنس؟! هذا ما سأحاول مقاربته من منظور علاقة السلطة بالجنس.
السُلطة والجنس
لم يكن موضوع الجنس غائباً عن قواعد تنظيم الأسرة والجماعة البشرية، ولا عن قواعد تنظيم العمل والإنتاج، وكذلك قواعد تنظيم المجتمع سياسياً وقانونياً ودينياً. بل يمكن القول -دون مبالغةٍ كبيرة- إنّ الجنس ووظيفة الإنجاب هما المحرّك الرئيس وراء كل ذلك
أشرتُ في مقالٍ سابق “في ذُكُوريّة السُلطة” [1] إلى أنّ السلطة محرّك مركزي لمجموعة من العلاقات والسيرورات المنطلقة من نقاطٍ لا حدَّ لها، والمشتبكة مع بعضها عضوياً، لتنتج تمثُّلاتٍ ومفاعيلَ لا حدّ لها. وأنّ السلطة موجودة في كل مكانٍ وغير موجودة في مكانٍ محدّد في الوقت ذاته، كما يقول فوكو، وكثيراً ما تكون السلطة اللامرئية أكثر نفوذاً وتسلُّطاً من السلطة المرئية. وانطلاقاً من هذا المنظور للسلطة، تكون الحريات التي تمنحها السلطةُ جزءاً من السُلطة ذاتها، وواحدةً من تَمَثُّـلاتها وأدواتِ حُكمها، ولا أبالغُ كثيراً إذ أقول إنّ الحرية الممنوحة من قِبَل السلطة قد تكون أداةً من أدوات قمعها وتسلُّطها.
سأقارب موقف السلطة من الجنس بالاعتماد على الملاحظة الشخصية كأداةٍ بحثية، وهي من الأدوات المستخدمة في العلوم الاجتماعية بما لَها من ميزاتٍ وما عليها من عيوب. وأميّـزُ بين ثلاثة فضاءات جنسية متمايزة كانت في سوريا قبل عام 2011:
1) الملاهي الليليّة:
تتوزّع الملاهي الليليّة في أماكن محدّدة ومحدودة، أغلبها على أطراف المدن أو خارجها، ولا يكون اختيارُ مكانها عشوائياً، إذ غالباً ما يكون صاحب الأرض أو صاحب الملهى واحداً من كبار ضبّاط الجيش أو الأمن، أو واحداً من كبار التجّار أو المهرّبين المتعاونين مع كبار الضبّاط أنفسهم. ولهذا لا يمكن للبيئات المحلّية الاعتراض أو الاحتجاج عليها، فالناس تعرفُ مَن صاحبها ومَن وراءها.
تتواجد في هذه الملاهي ثلاث فئات رئيسية: 1) “الفنّانات” و/أو عاملات الجنس، 2) عناصر الأمن والمخبرون، 3) اللصوص الصغار والكبار. وقد يتواجد آخرون بشكلٍ فضوليّ أو طارئ. المهمّ إنّ كلّ ليرة تدفع في هذه الملاهي تذهب إلى صاحب الملهى، وهو إن لم يكن ضابطاً فسوف يكون “رجلَ أعمالٍ” شريكاً لواحدٍ من الضباط، وهذا الضابط مهما دَنَتْ رُتبتُه أو عَلَتْ، فهو ملزم بدفع أتاواتٍ للضبّاط الأعلى منه حتى تستمرّ أعماله واستثماراته “القانونية” والخارجة عن القانون. أي أنّ أموال الملاهي تعود في النهاية إلى أصحاب السلطة الذين سَمَحوا بوجودها، وتشكّل رافداً لهم.
كانت أغاني الملاهي تختلف من منطقة إلى أخرى، فمنها “أغاني النَّوَر” المقيمين في تجمعاتٍ عشوائية خارج المدن والأرياف، ومنها أغانٍ باللهجة البدوية تُعرف بـ “عرب عرب”، ثم راحت “أغاني الجبل” تدخل المشهد شيئاً فشيئاً، وتفرضُ لهجتها وثقافتها بشكلٍ تدريجيّ حتى صارت هي السائدة دون غيرها.
ولنوعيّة الغناء الذي دعمه النظامُ السوريّ دلالاتٌ تكشف عن أزمة الهوية العميقة لديه بين تُراثٍ مُلَفَّقٍ وحداثةٍ مرفوضة. وبالعودة إلى الملاهي؛ فلا يمكن لأحدٍ من المطربين أو لإحدى الفنّانات، أنْ ينسى توجيه تحية إلى “السيد الرئيس” في كل سهرة وأحياناً بين الوصلة والأخرى، ثم ظهرتْ تحيةٌ إضافية إلى “سيّد المقاومة” بعد عام 2006.
إنّ لحالة اللهو والسكر والعربدة في الملاهي الليلية مسبّباتٌ بيولوجية عدّة، منها مكبّراتُ الصوت التي تُحدِثُ ضجيجاً هائلاً في الرأس، تُمَرَّرُ من خلاله تحيّاتٌ للسيد الرئيس ولضباط ومسؤولين من ذوي الصلة. ومنها المشروبات الرخيصة التي تُقدَّمها الملاهي، وقد تُوضَعُ فيها حبوبٌ مخدّرة في بعض الأحيان. ومنها الرقصُ والدبكة مع بنات الليل بلباسهنّ الداعر وعطورهنّ الرخيصة. إنّ كل هذه الطقوس كانت تتّمُ تحت عِلْم السُلطة وعَلَمها، وتحت صورة الرئيس، ووِسْط تحيّات الفنانين والفنانات له. وفي كل ذلك رسائل مختلطة:
أولاً؛ إن الحرية الجنسية التي يتمتع بها رُوّاد الملاهي مرتبطة بالنظام السياسي الذي يسمح بذلك، على خلاف المجتمعات المحافظة التي ترفضُ ذلك.
ثانياً؛ إنّ كل ذلك مرتبطٌ بضبّاط الجيش والأمن الفاسدين، أصحاب الملاهي أو الشركاء فيها.
ثالثاً؛ إنّ مصدر رزق بنات الليل مرتبطٌ بالطرفين المذكورَين آنفاً.
رابعاً؛ إن كل ليرة تنفق في الملاهي تعود إلى السلطة مضاعفة. خامساً؛ يغدو الرئيس بصورته المعلَّقة فوق الجميع، وباسمه الـمُبجَّل، بمثابة الإله الذي تُرفع إليه هذه الشعائر العربيدة.
2) السوريُّون البيض: البرجوازية المدينيّة الـمُصَنَّعة:
هنالك مكانٌ ثانٍ تسمح فيه السلطة بممارسة الجنس، وهو أماكن تجمّعات السوريين البيض، وأعني بذلك أبناء كبار الضباط والمسؤولين في النظام، وأبناء كبار التجّار والمهرّبين، وكلا الفئتين متحالفة ومتلاحمة مع الأخرى. تُضاف إليهما فئةٌ ثالثة هي فئة المثقفين والفنانين الدائرين في فَلَك السلطة، فهؤلاء تحتاجهما الفئتان الأولَيَان لكي تُضفيا معنىً ثقافياً وقِـيَمياً على حياتهما، بينما يحتاجون هُمْ إلى الفئتين الأولَيَين من أجل المال والمحسوبيّات.
تتركّز أماكن لقاءات وتجمّعات السوريين البيض في العاصمة أكثر من غيرها، في مطاعم وبارات وديسكوتيكات عالية الأسعار، ينتشرُ قسمٌ جيّد منها في الجزء المستثمَر سياحياً من دمشق القديمة، والذي يملكه -في الغالب- رجالُ الأعمال الجُدد المرتبطون بالسلطة، ممَّن يُعرفون بـ “الذئاب الشابة”.
وليس بعيداً عن البرجوازية الأوروبية في القرن التاسع عشر، والتي كانت تمنع الجنس عن أبنائها بشكل عام، ثم تغضُّ النظرَ عنه في نطاقِ حفلاتِ أبناء البرجوازيين المغلقة مع بناتهم، منعاً لاختلاط دم البرجوازية مع غيرها؛ يُسمح للسوريين البيضُ بلقاء بعضهم بعضاً في أماكن مخصّصة لهم، دون رقابة من السلطة الأمنية أو الدينية أو الاجتماعية، لأنّ حدوث العملية الجنسية فيما بينهم، وما قد يتبعُها من حَمْل أو زواج لا يشكّل خطراً على هذه الطبقة، طالما أن الطَّرَفين ينحدران منها. وهنا في الحالة السورية، لا يخشى السوريون البيض من اختلاطِ دمهم مع طبقةٍ أو عرقٍ آخرَين، فهم ينحدرون في الأصل من مناطق مختلفة جغرافياً وطَبَقيّاً، إذ أنهم من مُحدَثي النعمة ومن قديمي النعمة الـمُتلوِّثين بهم، ومن أحفاد الوُجَهاء الريفيين الأقلّ شأناً ومن أبناء الوُجَهاء الجُدد. لكنهم يخشون من اقتسام رأس المال الموروث مع طرفٍ لا يملكُ شيئاً منه، أو من اقتسام علاقات السلطة مع أشخاصٍ من خارج السلطة.
إن هذه التجمعات التي تعبّرُ فيها الحرياتُ الفردية عن ذاتها دون قيود، تُعزّز من أواصر الصداقة والمحبّة بين أبناء المسؤولين وأبناء التجّار المفسدين، وعلى هامشهم يقفُ مثقّفو السُلطة وفنّانوها. وإنّ أيّ ممارسة جنسية فيما بينهم، وفي حال أدّتْ إلى الإنجاب أو الزواج، سوف تعزّز من تمركز السلطة ورأس المال في يد هذه الطبقة الـمُصَنَّعة.
ولا ضيرَ من الإشارة إلى أنّ المردود المادي لكل هذه الحفلات والسهرات والتجمّعات يعود في النهاية إلى رجُل أعمالٍ واحدٍ أو اثنين من “الذئاب الشابة”. أي أنّ الجدوى الاقتصادية للمشروع تكفي لوحدها من أجل السماح بهذه “الحريات الفردية”.
3) عامة الشعب أو السوريُّون السُّود:
أما الدهماء أو سَوَاد الشعب، فهؤلاء لم يملكوا أجسادهم يوماً، لأنّ قوة العمل التي لديهم كانت وما زالت موضع استغلال من قِبَل الآخرين. وقد فرضت الأعرافُ القديمة ومن ثم القوانين الحديثة أن يتحمّل الرجل مسؤولية تأمين المسكن لزوجته ونفقتها ونفقة الأولاد، وهذا ما يعني لابنِ هذه الطبقة عشرَ أو خمس عشرة سنةً من العمل المتواصل قبل الوصول إلى ممارسة الجنس. ولم يكن هذا الحالُ من صُنْع السلطة الحالية، بل هو من بقايا النظامين العبودي والإقطاعي، وبهدف تسخير قوة العمل في مجال الإنتاج، بدلاً من تبديدها في اللّذة. وقد استمرَّ هذا الحالُ في البلدان التي لم تزُرْها الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان.
لم يكن السوريُّون السُّود يملكون أجسادهم يوماً، فعلى سبيل المثال، كان “اتحاد شبيبة الثورة” التابع لحزب البعث، يُجبر الفتيات على نزع الحجاب عن رؤوسهنّ في المدارس الإعدادية والثانوية، وفي اجتماعات “الشبيبة”، وكذلك في المسيرات التي يخرج فيها طلّابُ المدارس مُجْبَرين، ليجوبوا الشوارع وهم يُحيُّون القائد والبعث. إنّ لهذه الممارسة رسائل موجّهة إلى الفتيات وآبائهنّ:
1) أجسادكُم ليست ملكاً لكم بل لنا.
2) ما تعتبرونه عورةً يمكن لنا استباحتُه واستباحةُ غيره. 3) معتقداتكم الدينية كلُّها تحت علم البعث وصورة القائد.
ومَن لم يملك جسده لم يملك الحرية الجنسية بالطبع. فوق ذلك استخدمت السلطة في سوريا أجهزة عديدة من أجل قمع الجنس، وحَصْره في الملاهي الليليّة وفي تجمّعات السوريين البيض فقط. يأتي على رأسها الجماعات الدينية التابعة لوزارة الأوقاف أو دار الإفتاء أو إلى مشايخ مَرْضي عنهم، ثم المدارس الشرعيّة ومعاهد تحفيظ القرآن، وجماعة “القبيسيّات”. كما استُخدمَت المؤسسة التعليمية وروافدُها من منظمات حزب البعث (الطلائع، الشبيبة، اتحاد الطلبة…)، ووزارة الإعلام التي كانت تمارس رقابةً جنسيّة صارمة على منتجات التلفزيون والسينما. وفوق ذلك كان هنالك فِرعٌ من قوى الأمن الداخلي يُسمّى “الأخلاقية”، وظيفتُه مراقبة الفتيان والفتيات بعد خروجهم من المدارس، ومنع أي لقاءٍ بينهم في الأزقّة أو في الحدائق. وكانت “الأخلاقية” تُداهم المقاهي المجاورة للجامعات، لتمنع أيَّ جلسةٍ منفردةٍ أو وضعيّةٍ حميميّة بين شابٍ وفتاة. وبالإضافة إلى “الأخلاقية” كان للأمن الجنائي الحقُّ في مداهمة أي بيت يشكُّ في وجودِ “خلْوة” أو “علاقة غير شرعية” فيه.
يشبه جهاز “الأخلاقيّة” عند النظام السوريّ جهاز “الحُسْبَة” عند تنظيم داعش، وجهاز “سواعد الخير” عند جبهة النصرة. ونحنُ أبناءُ السُّوريين السُّود، لطالما كنّا خائفين من “كَبْسَات الأخلاقية” ومداهماتهم، خاصةً وأنهم يتقصّدون إهانة الشاب أمام صديقته، سواءً بالضرب أو بالشتْم، ليوصلوا إليه رسالةً واضحة: “لا رجالَ إلّا نحن، ولا جنسَ يحدث من دون موافقتنا”. أما الفتاة المسكينة فتصبح فريسةً لهم، فيبدؤون بابتزازها إلى أبعد الحدود.
يُخطئ مَن يحسب بأن الأنظمة الشمولية تصبُّ اهتمامها وأدواتِ قمعها على الأنشطة السياسية، وتغضّ النظر عن أشياء “أقلّ أهمية” مثل ممارسة الجنس. لأنّ أيّ تمرّد يُحدثه المراهقون والشباب في مجال الجنس، سوف يقود إلى تمرّد على المؤسسة التعليمية وأنظمتها (نظام فصل الذكور عن الإناث مثلاً)، ومن ثم على منظمات حزب البعث المتحكّمة أمنياً وسياسياً بالمؤسسة التعليمية، وبالتالي على النظام السياسي برمّته.
ونذكّر بأنّ تحريم الجنس من قبل السُلطة لا يعني أنه غير موجود، فكلّ الأشياء المحرّمة موجودة، لكن في الخفاء وعلى الهوامش، مثلما كان المواطنون يشتُمون “السيّد الرئيس” سرّاً وبعيداً عن الأعين.
- تعقيب بخصوص المتغيّرات خلال عاميّ 2011 و 2012:
لم يختلف الشيءُ الكثير من حيث الجوهر، فمن ناحية الفضاء الجنسي الأول: الملاهي الليلية، فقد أُغلقت معظم الملاهي في أرياف حمص وحماه وإدلب كنتيجةٍ مباشرة لانعدام الأمن، وانتقل أصاحبُها والعاملون فيها وبناتُ الليل إلى أماكن سيطرة النظام، فازداد انتشارهم على أطراف دمشق وفي ريفها “الموالي”.
فيما يخصُّ السوريين البيض، فقد توسّعتْ هذه الطبقة خلال الحرب، إذ دخل فيها الكثيرُ من الانتهازيين والوصُوليين والمنتفعين، ممّن استغلّوا ظروفَ الحرب ليُقدّموا خدماتٍ جلية لأصحاب المال والسلطة. ولذلك فقد صارت تضمُّ “الطبقة الوسطى” من الموالين للنظام، مع جُلّ مثقفي السلطة وفنّانيها وإعلامييها. وقد أكثرتْ هذه الطبقة من ادّعاء “التحرُّر الجنسي” وإظهاره خلال سنوات الحرب، على اعتبار أنها “الوجه النقيض” للمعارضة الإسلامية المتشدّدة. كما اجتهد النظام في نقلِ صُورةِ هذه الطبقة ونمطِ حياتها إلى العالم الخارجي، لكي يُوحي باستتباب الأمن والأمان، حتى باتَ بعضُ المغتربين والأجانب يحسبُون أنّ دمشقَ عبارة عن ديسكو وملهـىً ليليّ فقط لا غير.
أما السوريّون السُّود فما زالوا لا يملكون أجسادهم، ولا يملكون شيئاً من الحريات الفردية، سواءً أكانوا مقيمين في مناطق سيطرة النظام أم في مناطق سيطرة الفصائل المسلّحة.
خاتمة:
مع نهاية عام 2012، صار من الصعب رصدُ التغيُّرات الاجتماعية الـمُتَسَارعة والـمُصَنَّعة والـمُنْفَعِلة، والمتطرّفة سواءً في قمع الجنس أو في “التحرُّر الجنسيّ”. وخلاصة القول؛ إنّ موقف السُلطة في سوريا من مسألة الحرية الجنسيّة هو القمع والتحريم والتجريم، أما الاستثناءات من ذلك، فهي محصورةٌ في الفضاءات التي تخدم السلطة سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً.
عذراً التعليقات مغلقة