سامية لاوند- حرية برس:
منذ بداية موجات لجوء السوريين باتجاه دول الجوار وأوروبا، أظهر عدد من الطلبة السوريين تفوقاً دراسياً ملحوظاً، فلم تستطع الحرب واللجوء أن يقفا في وجه التميز والتفوق، وبالرغم من قسوة اللجوء إلا أن الجامعات العالمية شهدت صمود وإصرار هؤلاء على الاستمرار والوقوف في وجه التحديات لتكون الشجرة مثمرة.
وتوالت نجاحات الطلبة السوريين ممن لجأوا إلى دول الجوار منها إقليم كوردستان العراق و الأردن ومصر والإمارات؛ وكذلك حظيت الدول الأوروبية بوجود طلبة أحرزوا معدلات عالية في مستواهم الدراسي على صعيد الدول المتواجدين فيها، واستطاعوا بذلك إثبات وجودهم وقدرتهم على التميز رغم الألم والمعاناة التي تعيشها بلدهم سوريا.
يُعتبر “مطيع عمر” وهو طالب كلية القانون والعلوم السياسية في جامعة دهوك بإقليم كوردستان العراق أحد أبرز الطلبة السوريين الكرد، فقد حقق على مدار أربعة أعوام المرتبة الأولى في قسمه، وهو من أبناء قرية بانى شكفتي التابعة لريف مدينة المالكية “ديريك”.
“عمر” كغيره من الطلبة السوريين كانت لديه تجربة لجوء وتطلعات نحو المستقبل، قال في حديث إلى حرية برس: “لم أكن أتوقع يوماً من الأيام بأن أصبح لاجئاً في أية دولةٍ من دول العالم، ولكن شاءت الظروف بأن أكون لاجئاً في إقليم كردستان؛ وذلك بسبب الحرب التي تمر بها بلادنا، بعد أن أصبحت مقيماً في الإقليم لست سنوات متتالية لم أشعر أبداً بالانزعاج، ولعلّ ذلك يعود إلى التسهيلات اللازمة التي تقدمها حكومة الإقليم بعكس الدول الأخرى المجاورة لسوريا التي يعاني منها المواطن السوري، لذلك أستطيع القول بأن تجربتي باللجوء حتى الآن ناجحة، ولكن هذا لا يعني أنني لا أريد العودة إلى بلدي الأصلي”.
وأضاف عمر “أما بخصوص دراستي الجامعية فلم أكن أتوقع قبولنا في جامعات الإقليم بهذه السهولة، ولكن تم قبولنا والفضل الأكبر يعود إلى منظمة اتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي والحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا. أشكرهم كثيراً لكل ما بذلوه من جهود من أجل الطلاب”.
لكل قصة نجاح لابدّ من وجود أسباب، وسبب نجاح الطالب مطيع بالمراتب الأولى هو رغبته الشخصية بأن يكون شخصاً قانونياً يساهم في توعية أبناء بلده مستقبلاً وتحقيق المساواة، والسبب الآخر هو دعم ومساندة أهله له حسب تعبيره.
هناك دائماً تحديات كبيرة أمام الطلبة لا سيما إذا كان هذا الطالب لاجئاً، ولكن يبدو أن الظروف كانت جداً مواتية للدراسة بالنسبة لمطيع، حيث قال “حقيقة منذ تم قبولي لم أجد أية معوقات من أية جهة، بل على العكس نجد دائماً دعماً مادياً من منظمة سبارك الهولندية ولا بدّ هنا من شكرهم، وأتمنى من منظمة سبارك واتحاد الطلبة مساعدة ومساندة من كان بيننا جديراً بإكمال الدراسات العليا”.
من جانبه، توجه مسؤول فرع إقليم كردستان لدى اتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي “أحمد محمد أمين” عبر حرية برس بالقول “في الحقيقة نهنئ هؤلاء الطلبة في تفوقهم على مستوى المراتب الأولى على كلياتهم، اليوم في ظروف اللجوء هذه التي يمرون بها إذا تمكنوا من إحراز المرتبة الأولى فهو شيءٌ مهمٌ جداً”.
وتابع أمين “نعدهم بأننا سنساندهم على الدوام في إطار مساندتهم في جميع المجالات قبل قبولهم وبعد قبولهم، وسنكون عوناً لهم في حل جميع مشاكلهم في إطار تعليمهم، ففي مرحلة ما قبل القبول كثيرة والجميع يعلم بذلك نحاول التنسيق معهم حول آلية القبول سواءً عن طريق المنظمات أو حكومة إقليم كوردستان، بعد القبول أيضاً لجان اتحاد الطلبة في جميع الجامعات يستقبلون الطلاب الجدد ويقومون بمساعدتهم في التسجيل والدراسة “.
هؤلاء المتفوقون هم قليلٌ من كثيرٍ من الطلبة الذين تفوقوا ولم يسلط عليهم الضوء، هم فخر لبلدهم ومثال حي عن أن اللجوء لم يكون يوماً عائقاً أمام العلم والمعرفة، إلا إذا كانت ظروف اللجوء أصعب من ظروف الحرب، وهناك الآلاف من الطلبة السوريين في الداخل السوري لم تتسنى لهم فرصة لتحقيق أحلامهم وإكمال دراستهم، حرمهم منها نظام الأسد بقصف المدارس وإحرقها، وترهيب الدخول إلى الجامعات بمشاهد مرعبة من الخطف والاعتقال .
عذراً التعليقات مغلقة