خالد الأصور
ما أشبه السنة النبوية الكريمة بالإنجيل، كلاهما لم يُحفظ على طريقة حفظ القرآن الكريم فور نزوله، بل جمعا على مدى سنوات طويلة تباعدت عن وقت زمن النبيين العظيمين محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام، وبالتالي فقد نال السنةَ والإنجيلَ قدر من التحريف والتبديل والوضع.
ومن هنا تعددت الأناجيل وما نالها من تحريف مغرض من رجال السياسة ورجال الدين، خدمة لأغراض دنيوية، وتعددت كذلك كتب السنة، وصُنِّفَت وفق درجة صحتها، ضمن ما أطلق عليها كتب الصحاح، وفي قمتها صحيحا البخاري ومسلم، وما اصطلح عليه بالأحاديث الضعيفة والأحاديث الموضوعة.
ومع التقدير والتبجيل العظيم لعلم الجرح والتعديل الذي قامت عليه السنة المطهرة، ولكن اليقيني أن أي كتاب للسنة جمعه ودوّنه بشر، لا يمكن أن يرقى إلى القرآن الكريم، الذي دُوِّنَ من وحي السماء إلى القلوب مباشرة من دون وسطاء، لذا ففي السنة النبوية المطهرة حتي تلك التي رواها البخاري ومسلم، اذا تعارض النص المنسوب إلى الرسول صلي الله عليه وسلم مع نص قرآني قاطع الدلالة، فهذا ليس بحديث نبوي وإن ورد في البخاري (فهو ليس جبريل أمين وحي السماء).
كذلك إذا تعارض النص المنسوب إلى الرسول صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشكل فج واضح مع ما استقر عليه العقل والعلم والمنطق، ولم يرد ما يدل على صحته في القرآن الكريم، فهذا لا نقطع بنسبته إلى الهدي النبوي وإن ورد في البخاري، ولا سيما ما اصطلح عليه بأحاديث الآحاد، وحولها كتب الفقيه المجدد العلامة الشيخ محمد الغزالي عليه رحمة الله كتابه الفريد (السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث).
وحين صدر هذا الكتاب هاجمه حينها علماء السعودية بل كفّر بعضهم كاتبه، وهم تلامذته في العلم الشرعي، لمجرد قوله بعدم اعتماد حديث الآحاد اذا صادم نصاً قرآنياً قطعي الدلالة أو صادم ما استقر عليه العلم والعقل ولم يرد في القرآن ما يدل عليه.
وهؤلاء العلماء أنفسهم لم نسمع لهم همساً تجاه هدم وردم السلطات في بلادهم كثيراً من المسائل الشرعية التي ظلوا يفتون بها ويشددون عليها على مدى عقود طويلة، بينما ألسنتهم وأبواقهم تصدح وتزعق بل وتكفّر علماء مجتهدين كبار في قامة الشيخ الغزالي والشيخ القرضاوي.
عذراً التعليقات مغلقة