الطب في سوريا.. جهود فردية لمواكبة التطور العلمي

فريق التحرير6 يونيو 2018آخر تحديث :

ولاء عساف – حرية برس

أثرت الحرب سلباً على كل جوانب الحياة في سوريا، حيث كان لمجال الطب النصيب الأكبر في هذا التراجع، ولجأ بعض الناس لاستغلال الوضع السيء باحثين عن طريق يدخلون منه مجال الطب بخبرة لا بشهادة، هذا ما أثر على مهنة الطب في المناطق المحررة وجعلها تتراجع شيئاً فشيئاً، ويشهد المجال الطبي حالياً كثرة أهل الخبرة على حساب أصحاب الشهادات الأكاديمية وهو ما يدفع بالطب إلى منحدر خطير ما لم تتسارع الجهود لإيجاد حلول لإسعاف المجال الطبي خلال وقت قريب.

الطبيب عمار الرحال الذي بدأ رحلته الطبية منذ العام 2012 بعد انتهائه من الاختصاص مباشرة يعمل على ترجمة مرجع طبي منذ عدة شهور، تحدث “لحرية برس” قائلاً: استطعت أن اترجم جزءً واحداً من مرجع طبي مهم سيكون له دور كبير في تطوير الطب في سوريا، أعمل على الترجمة حوالي 4 ساعات الى 5 يومياً بين ترجمة وتدقيق.

كان يعمل قبل العام 2012 بعيادات ريفية غير نظامية، وبعد تخرجه من الاختصاص عمل مباشرة في عيادات اختصاصية وكانت الثورة في أوجها في تلك الأثناء، حيث تابع قائلاً: في العام 2014 بدأ تنظيم المشافي في المناطق المحررة فكنت أول المندفعين للعمل، حيث بدأت مشواري في مشفى دركوش وعملت فيه لعدة شهور فقط، التحقت فيما بعد بمنظمة الهلال الأحمر القطري بمنطقة الزربة، وبقيت أعمل هناك حتى وصل النظام إلى المنطقة في العام 2015، حينها رحت أعمل في مشفى تخصصي قرب الحدود كان يعرف باسم مشفى البرناص وبقيت أعمل فيه أكثر من سنة، توقف دعمه ومع ذلك بقينا نعمل فيه حوالي 6 شهور دون مقابل، كانت انسانيتنا تغلب كل شيء في تلك الأثناء خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، وفي محطتي الأخيرة مشفى إعجاز الذي أعمل فيه حالياً، ساهمت أيضاً بموضوع سوء التغذية عند الأطفال مع الهلال القطري، وتم تطبيق برامج عديدة منها برامج “IMCI ،CMAM”.

يعمل الرحال اليوم وحيداً على ترجمة مرجع اسمه “Nelson textbook of pediatric 20 edition”، وبحسب قوله فهو المرجع الوحيد الأساسي والمنهل الرئيسي عالمياً وكل ما عداه كتيبات مقتضبة مقارنة به، وهذا المرجع أساس لكل من يختص بطب الأطفال.

يقول الطبيب عمار: ما دفعني لترجمة هذا المرجع هو سوء الواقع العلمي بالمناطق المحررة والممارسات الخاطئة الطبية، بسبب كثرة أهل الخبرة وقلة أصحاب الشهادات فهذه النسخة رقمها (20) وتتألف من (5000) صفحة، في الوقت الذي ننهل منه معلوماتنا الطبية من نسخة رقمها (16) وهي آخر نسخة تمت ترجمتها بشكل كامل وعدد صفحاتها (2500) صفحة، والغريب في الموضوع أن النسخة تمت ترجمتها منذ (16) عاماً، نحن في سورية نمارس طبّاً عمره (16) عام في الوقت الذي يمارس فيه الغرب الطب ببرنامج تعليمي يدعى “UPTODATE”  يحدث معلوماته يومياً.

متل هذه المراجع كانت تترجمها دور الترجمة والطباعة مثل دار القدس للعلوم، لكنها اختفت بزمن النظام، وهاجر المترجمون وتركوا خلف ظهرهم كل هذه المواضيع الهامة، ولم يعد أي أحد يهتم بالعلم لا نظام ولا معارضين فوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.

يقول الرحال طلبت من عدة أطباء التعاون معي لإنهاء المرجع بوقت وجيز فهو سيأخذ معنا حوالي السنة تقريبا من العمل إن كنا 8 أو 10 أطباء، ساعدني عدد من الأطباء لكنهم تراجعوا فيما بعد فقد كان اندفاعهم نفسي أكثر من كونه عملي، لكني لم أشعر باليأس وتابعت العمل، واستطعت حاليا ترجمة جزء واحد من (23) جزء، أعمل على ترجمته من حوالي ال4 شهور.

يختم الدكتور عمار حديثه آملا أن يندفع معه عدد من الأطباء للعمل على ترجمة المرجع كي يكون خطوة كبيرة تساهم في تقدم الطب ودفع عجلته سريعا الى الأمام، حيث عبر قائلا الطب في المناطق المحررة بحاجة لنجدة علمية سريعة وإلا سوف تسيطر عليه الأساطير والشعوذة، نحن اليوم ننزف اخصائيين بشكل مستمر ولا يوجد أي رفد جديد.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل