“الاكتئاب المبتسم”: المرض الخفي الذي قد يدفع إلى الانتحار

فريق التحرير24 فبراير 2019آخر تحديث :

انتشر “الاكتئاب المبتسم” بين الناس بشكل كبير في الآونة الأخيرة، حيث يبدو الشخص سعيداً للآخرين بينما يعاني من أعراض الاكتئاب، وتزداد المقالات حول هذا الموضوع في الأدب الشعبي، كما ازداد عدد عمليات البحث عنه في محرك البحث “Google “، فيما إذا كان حالة مرضية حقيقية أم لا.

ومع أن “الاكتئاب المبتسم” ليس مصطلحاً تقنياً يستخدمه علماء النفس، لكن من المؤكد أن الإنسان يمكن أن يصاب بالاكتئاب ويخفي الأعراض بنجاح، وأقرب مصطلح تقني لهذا المصطلح هو ” الاكتئاب اللانمطي “.

في الواقع، فإن نسبة كبيرة من الناس الذين يعانون من مزاج منخفض ومن فقدان المتعة في ممارسة الأنشطة تمكنوا من إخفاء حالتهم بهذه الطريقة، وقد يكون هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة بشكل خاص للانتحار.

ربما من الصعب تحديد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم، حيث أنهم قد يظهرون من دون سبب للحزن؛ فلديهم وظيفة وشقة وربما أطفال أو شركاء. يبتسمون عندما تحييهم ويمكنهم إجراء محادثات ممتعة. باختصار ،وضعوا قناعاً للعالم الخارجي يوحي أنهم يعيشون حياة طبيعية ونشطة على ما يبدو.

أما من الداخل، فهم يشعرون باليأس والإحباط، وفي بعض الأحيان لديهم أفكار حول إنهاء كل شيء، فالقوة التي يجب عليهم مواجهتها في حياتهم اليومية يمكن أن تجعلهم عرضة بشكل خاص لتنفيذ خطط الانتحار، وهذا يتناقض مع أشكال أخرى من الاكتئاب، حيث يكون الناس قد تصوروا الانتحار ولكن ليس لديهم ما يكفي من الطاقة لتنفيذ هدفهم.

وتشمل أعراض هذا النوع من الاكتئاب: الإفراط في الأكل، والشعور بالثقل في الذراعين والساقين، التعرض بسهولة للأذى من النقد أو الرفض، كما أن الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب مبتسم هم أكثر عرضة للشعور بالاكتئاب في المساء، ويشعرون بالحاجة إلى النوم فترة أطول من المعتاد. لكن مع أشكال أخرى من الاكتئاب، قد يكون مزاجك أسوأ في الصباح وقد تشعر بالحاجة إلى نوم أقل مما اعتدت عليه في العادة.

يبدو أن الاكتئاب المبتسم أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعانون من تقلب المزاج، وعلى وجه الخصوص، يرتبط ذلك بكونهم أكثر عرضة لتوقع الفشل، ويواجهون صعوبة في التغلب على المواقف المحرجة أو المهينة، ويميلون إلى التفكير في المواقف السلبية التي يمكن أن تحدث.

من الصعب تحديد ما الذي يسبب الاكتئاب المبتسم بالضبط، ولكن المزاج المحبط يمكن أن يأتي من عدد من الأشياء، مثل مشاكل العمل، وانهيار العلاقة، والشعور كما لو أن حياتك ليس لها غاية أو معنى.

من الشائع جداً أن يعاني شخص واحد من بين كل 10 أشخاص من الاكتئاب، ويعاني ما بين 15 و 40% من هؤلاء الأشخاص من “الاكتئاب اللانمطي”. مثل هذا الاكتئاب غالباً ما يبدأ في وقت مبكر من الحياة ويمكن أن يستمر لفترة طويلة.

إذا كنت تعاني من الاكتئاب المبتسم، فمن المهم بشكل خاص الحصول على المساعدة. للأسف، فإن الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة عادة لا يفعلون ذلك، لأنهم لا يعتقدون أن لديهم مشكلة في المقام الأول – وهذا هو الحال على وجه الخصوص إذا كانوا يبدون وكأنهم يواصلون مهامهم وروتينهم اليومي كما كان من قبل. قد يشعرون أيضاً بالذنب ويرون أنه ليس لديهم أي شيء يحزنون عليه. لذا فهم لا يخبرون أحداً عن مشاكلهم وينتهي بهم الأمر إلى الشعور بالخجل من مشاعرهم.

إذن كيف يمكنك كسر هذه السلسلة؟ نقطة البداية هي معرفة أن هذه الحالة موجودة بالفعل وأنها جادة. فقط عندما نتوقف عن تفسير مشكلاتنا بعيداً عن المنطق، لأننا نعتقد أنها ليست خطرة بما فيه الكفاية، يمكننا أن نبدأ في إحداث فرق حقيقي. بالنسبة إلى البعض، قد تكون هذه البصيرة كافية لتغيير الأمور، لأنها تضعهم في طريقهم للحصول على المساعدة والتحرر من قيود الاكتئاب التي كانت تمنعهم من العودة.

وقد تبين أن التأمل والنشاط البدني لهما فوائد صحية عقلية هائلة. في الواقع ، أظهرت دراسة أجرتها جامعة “روتجرز” في الولايات المتحدة أن الأشخاص الذين قاموا بالتأمل والنشاط البدني مرتين في الأسبوع قد شهدوا انخفاضاً بنسبة 40% تقريباً في مستويات الاكتئاب لديهم بعد ثمانية أسابيع فقط من الدراسة، بالإضافة إلى العلاج السلوكي المعرفي، وتغيير أنماط التفكير والسلوك.

وبالطبع، فإن إيجاد معنى في الحياة أمر في غاية الأهمية. كتب عالم الأعصاب النمساوي فيكتور فرانكل أن “حجر الزاوية في الصحة العقلية الجيدة له هدف في الحياة”.

وأضاف أنه لا ينبغي أن نهدف إلى أن نكون في “حالة من التوتر”، خالية من المسؤولية والتحديات، بل يجب أن نسعى إلى شيء في الحياة. يمكننا العثور على هدف من خلال نقل الانتباه بعيداً عن أنفسنا واستثماره في شيء آخر. لذلك يمكن العثور على هدف جدير بالاهتمام ومحاولة إحراز تقدم، حتى إذا كان بقدر قليل كل يوم، لأن ذلك قد يكون له تأثير إيجابي.

يمكننا أيضاً العثور على الهدف من خلال الاهتمام بشخص آخر. عندما نسلط الضوء علينا ونبدأ بالتفكير في احتياجاتنا واحتياجات شخص آخر، نبدأ بالشعور أن حياتنا مهمة. يمكن تحقيق ذلك عبر التطوع أو رعاية أحد أفراد العائلة أو حتى حيوان. الشعور بأن حياتنا مهمة في النهاية هو ما يعطينا الغاية والمعنى – وهذا يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في صحتنا العقلية وسعادتنا.

المصدر : الإندبندنت

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل