عاصفة شائعات تجتاح سوريا.. فخٌ روسي أم مقدمة حل؟

فريق التحرير11 يونيو 2018آخر تحديث :
عناصر من قوات العدوان الروسي يحتجزون مدنيين خرجوا من الغوطة الشرقية (تواصل اجتماعي)

ياسر محمد – حرية برس

شهد الأسبوع الفائت عاصفة غير مسبوقة من الشائعات اجتاحت الشارع السوري وما زالت مفاعيلها حاضرة على الرغم من انكشاف كذب بعض الأخبار ونفي بعضها الآخر.

وقد بدا من الشائعات الرائجة أن “الأزمة” في طريقها إلى الحل ضمن زمن قياسي، حيث سيتم إصدار “عفو عام” عن جميع المعتقلين السياسيين وغيرهم، والقضاء على الميليشيات وحلّها بالكامل، ورفع الحواجز من المدن والبلدات بما يسمح بعودة الحياة إلى طبيعتها..

جميع هذه الشائعات صبت في مصلحة روسيا التي تحاول تجميل صورتها في سوريا والظهور بمظهر المخلّص بدل المحتل، فهي التي تحمي المواطنين من الميليشيات وحتى من جيش بلدهم، وهي التي تقدم المساعدات، وهي التي ترفع الحواجز وتعيد الحياة الطبيعية إلى المدن والتجمعات السكنية، وهي كذلك التي تعمل على طرد إيران من سوريا، وفق ما تروج له روسيا وتحاول ترسيخه في ذهن السوريين.

“حميميم” تنفي شائعة “العفو العام”

عصفت خلال الثلاثة أيام الماضية شائعة “العفو العام” بالشارع السوري، وشغلت ملايين السوريين الذين يترقبون ولو وهماً يطمئنهم عن أبنائهم، وتطورت الشائعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بدأ المعتقلون بالخروج فعلاً! وتبادل ذوو المعتقلون والشارع الثوري عشرات المقاطع الصوتية على “واتس آب” التي يؤكد خلالها متحدثون مجهولون صحة قرار “العفو”!

وأمس الأحد حسمت قاعدة “حميميم” الناطق شبه الرسمي باسم الاحتلال الروسي في سوريا الجدل بشأن عزم رأس النظام بشار الأسد إصدار “عفو عام” يشمل كل من هو في الداخل والخارج.

وقالت القاعدة الروسية على معرفاتها على مواقع التواصل الاجتماعي: “لا توجد معلومات حول وجود (عفو عام) في البلاد، كما أننا نعتقد أن خطوة مماثلة قد تتسبب بالمزيد من الفوضى في سوريا، لذلك يتوجب علينا جميعًا العمل على الحد من تواجد الأفراد المتورطين بأعمال تخريبية”، على حد تعبيرها.

وجاء تصريح “حميميم” ردًّا على سؤال ورد إلى القاعدة عن الأنباء التي تتداول عن وجود عفوٍ عن المعتقلين في سجون النظام، ومن لم يخرج يعتبر متوفيًا أو مات تحت التعذيب.

وكان موقع “الجديد” اللبناني نشر خبرًا من مصادره الخاصة، قال فيه إن بشار الأسد سيصدر عفوًا عامًّا خلال الأيام الثلاثة الماضية ويستهدف الفارين من الخدمة الإلزامية والاحتياطية، كما سيتم تبييض السجون من معتقلي الرأي وحملة السلاح.

لماذا الآن ولمصلحة من؟

على الرغم من دحض شائعات “العفو العام”، ما زالت شائعات أخرى تسري في الشارع السوري، وكلها يصب في مصلحة روسيا، حيث يتم تضخيم حرب روسيا على الميليشيات المحلية التابعة لنظام الأسد، كما يتم تداول أحاديث – حتى في الشارع المعارض – عن فضل روسيا في إعادة الحياة شبه الطبيعية إلى العاصمة دمشق، علماً أنه لا شيء يبدو طبيعيا في أي بقعة من سوريا، حيث تئن جميع المناطق تحت وطأة الإرهاق الاقتصادي والاحتلال الداخلي أو الخارجي.

الكاتب السياسي المعارض محي الدين لاذقاني أشار إلى أن المستفيد من مجمل الشائعات هو روسيا، وقال إن “المبالغات في دور إيجابي للشرطة العسكرية (الروسية) في سوريا ضد الشبيحة والميليشيات نوع من التلميع الناعم اللئيم لقوة من قوات الاحتلال”.

أما عن توقيت الشائعات، فقد رأى متابعون ومحللون أنه أيضاً يصب في مصلحة الروس، فهم يستعجلون حلاً سياسياً على طريقتهم ويكونوا هم المستفيد الأكبر منه في ظل وجود دول أخرى تنافسهم على المكاسب، ويحاول بوتين تسريع “الحل السياسي” وذلك من خلال تشكيل “لجنة دستورية” وتبنّي قراراتها من قبل الأمم المتحدة، بعدما قضت روسيا على مسار جنيف وحولته إلى “أستانا” ومن ثم “سوتشي”، وبذلك تكون موسكو قد هيمنت على الحل السياسي كما تحاول فرض هيمنتها على “سوريا المفيدة” وطرد الجميع منها بما في ذلك حلفاء الحرب.

ويبدو أن بوتين يريد الوصول إلى نقطة بدء فعلية للمسار السياسي في تموز المقبل حين تستضيف “سوتشي” فصلا جديدا من لقاءات الضامنين (روسيا وتركيا وإيران)، ويأمل بوتين أن يكون قد وصل إلى تقديم نفسه على أنه “المحتل الأفضل”!.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل