خيمة قرب الحدود.. وصيف حارق على الأبواب

فريق التحرير13 مايو 2018آخر تحديث :
طفل يحاول اللعب بدراجته الهوائية في أزقة المخيم والطين يعيقه من اللعب، من مخيمات النزوح في ريف إدلب 25/3/2018 – عدسة: علاء الدين فطراوي – حرية برس©

ولاء عساف – حرية برس:

في نهاية عام 2012 بدأت رحلات نزوح قليلة نحو الشمال، وفي ذلك الوقت كانت أول خيمة تنصب في منطقة أطمة الحدودية، ليتوافد بعدها الآلاف من كل أنحاء سوريا، حتى باتت اليوم ملجأ لحوالي مليون ونصف نازح.

الخيمة تلاصق الخيمة، الجدران العشوائية تبعث في النفس إحساساً بالفوضى والأسف على شعب وصل إلى هذه الدرجة من فوضى الحياة بتفاصيلها كلها.

الحياة المزرية التي تعيشها المخيمات، تكفي لأن يشعر المرء أنه يعيش قبل 100 عام، للوهلة الأولى تشعر أنك ترى موج بحر على مد النظر.. كانت مناطق غير مأهولة.. كانت غابات ترى الأشجار في كل مكان، اليوم غلبت الشوادر “الأغطية البلاستيكية” الزرقاء على كل شيء حتى على الأشجار، فقد كان أكثر ما يحصل عليه الشعب السوري مع إغاثة الطعام هو تلك الأغطية الزرقاء والبيضاء التي لم يعد يخلو منها بيت وشارع حتى في القرى.

يقبع البشر هنا تحت أسطح بيضاء وزرقاء، يتقلب قاطنو الخيام بين صيف حارق وشتاء بارد، يتقلبون بين جوع وفقر مدقعين.

بدأت الحياة هناك على الحدود ببقالية بسيطة فيها من أولويات الحياة ما لا يكفي الجميع، ومع الغوص إلى الداخل وقريباً من الحدود أو بمحاذاتها، تصادفك مدينة من الفوضى.. بائعون ومطاعم وكل ما تود وترغب، من المستغرب أن الناس اعتادوا الحياة بتناثر.. لا شيء منظم.

خيام في كل مكان، جدران في أي مكان، طرقات تملأ الدنيا غباراً عند الجفاف، وطين يغطي الأقدام عند هطول المطر. وللمراحيض قصة أخرى فقد تم حفرها بشكل فضوي وغير منظم ومنها ما بقي مكشوفاً في العراء.

هل ستستمر الحياة على هذه الحال؟ هل اعتادت الناس الحياة هكذا؟

قالت إحدى السيدات وتدعى ع.ق أنها زرعت من كل أنواع الزهور في خيمتها في الفراغ الفاصل بين خيمتها وخيمة جارتها.. متناسية كل التلوث والفوضى والوحشة في مكان كان مهجوراً يوماً ما.. وبات اليوم يحوي ويضم من كل أصناف البشر ومراتبهم.

كانت تجمع الأواني الفارغة وتملأها تراباً.. وتزرعها بكل أمل وحب وتقول لأولادها عندما تنمو وردة حمراء هنا سنعود لمنزلنا.. وكم من وردة حمراء وصفراء نمت وذبلت ونحن ما نزال نقاوم كل شيء.

يخرج من أمامك شيخ طاعن في السن يطلب خيمته.. وقد وضع علامة لتحديدها بقطعة قماشية حمراء.. فقد تاه أكثر من مرة ولم يستطع العودة إلا مع أصحاب الخير.

ومن المستغرب أن كل تجمع للخيام أخذ اسماً ولقباً حسب سكانه أو حسب لون خيامه.. تم تمييز التجمعات بأسماء ليسهل الوصول إلى الخيام.. فهل من حالة تدعو للشفقة أكثر من هذه الحال.

كم احتاج السوري من قوة كي يجمع شتات نفسه ويبدأ الحياة بهذه الطريقة.. أن يخرج من منزله المرتب النظيف ليعتاد الحياة في خيام مزرية.

مع كل جهود المنظمات التي تقدم المساعدات، تبقى المعيشة في خيمة حالة من حالات الشعب السوري المزرية.. الكثيرون هنا يؤمنون أننا سنحصل على الشريط الحدودي في النهاية كمأوى لكل المناطق المحررة، بينما يتساءل آخرون هل من الممكن أن نقضي بقية حياتنا على الحدود.. نرمم الخيام ونرقع هنا وهناك خوفاً من الهواء والمطر؟

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل