بدا مؤخراً أن الاتحاد الأوروبي اقترب من تنظيم التعامل مع فيسبوك بصورةٍ قد تحمي مستخدميه من إساءة استخدام بياناتهم الشخصية، لكن صحيفتا “نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال” كشفتا أن القوانين الجديدة التي تهدف إلى تنظيم عمل شركات التقنية التي تملك كميات كبيرة من البيانات مثل فيسبوك وجوجل قد تعزز قبضة هذه الشركات على بياناتها.

وتقترب مجموعة القوانين الأوروبية الجديدة، التي تسمى قوانين حماية البيانات العامة، من الدخول حيز التنفيذ، وتلزم القوانين الشركات التي تستفيد من بيانات مستخدميها، مثل فيسبوك أن تجعل موافقة المستخدم واضحة وموجزة، ويحتاج المستخدم أن يفهم المصطلحات والحالات التي يوافق عليها وكيفية تأثيرها على خصوصيته على الإنترنت.

وحاولت الشركات العملاقة في وادي السليكون، وخصوصاً فيسبوك، إظهار امتثالها لهذه القوانين، إذ غيرت واجهات المستخدم وعممت الإرشادات الداخلية وفق ما يتطلبه القانون، حتى لو كان ذلك غالباً لتجنب العقوبات التي تتضمن غرامات باهظة.

ويعد قانون حماية البيانات العامة أول قانون يُخضِع شركات وادي السيليكون للمساءلة حول كيفية تعاملها مع بيانات مستخدميها، وهو مثال قد تحتذيه الولايات المتحدة الأمريكية إن أصبح لديها شجاعة مساءلة شركات التقنية الكبرى.

ويبدو قانون حماية البيانات العامة خطوةً مهمة في الاتجاه الصحيح من الناحية النظرية، ولكنه يفتقد إلى الصفات اللازمة لتهديد هيمنة شركة التقنية الكبرى أو حتى منع كوارث استخدام بيانات المستخدمين مثلما حدث في فضيحة كامبريدج أناليتيكا.

وعلى الرغم من أن شركة فيسبوك نفذت التغييرات المطلوبة للمستخدمين الأوروبيين، لكن بدا واضحاً أن الشركة لا تهتم بحماية بيانات المستخدمين إلا عندما تُجبَر على ذلك، وأعلن “زوكربيرغ” عن خططه لمضاعفة عدد أعضاء فريق السلامة والأمن، وهم الأشخاص المسؤولون عن معالجة أي انتهاكات تحدث على الموقع، كي يصبح 20 ألف موظف بدلاً من 10 آلاف، وأعلن أيضاً استحداث عملية استئناف، ليستطيع المستخدمون طلب مراجعة مشاركاتهم إن حُذِفَت بدون أن تخرق أي من قوانين فيسبوك.

لا يقرأ أي منا اتفاقية الاستخدام، لذا تستطيع شركات التقنية إضافة ما تشاء إليها كي تفي بالاشتراطات التي وضعها القانون وتستمر في العمل، ولا توجد معلومات واضحة عن كيفية تنفيذ القانون.

وإن استمرت الشركات في العمل كالمعتاد، فتتجاهل تهديداً حقيقياً وهو أنه بمجرد وصول بيانات المستخدم إلى المكان الخطأ، تسوء الأمور سريعاً، ولكن تبدو هذه الحلول غير كافية لهذه المشاكل الكبيرة المستمرة.

لماذا نقول ذلك؟ يظهر التاريخ أن الشركات العملاقة، مثل فيسبوك، هي التي تستفيد غالباً من القوانين لأن لديها رأس المال الذي يساعدها على الامتثال إلى القوانين، ما يضعف الشركات الناشئة التي تريد المنافسة.

قد تعتقد ان المستخدمين سيتخذون موقفاً ويطالبون بتطبيق الإصلاحات التي وعد بها قانون حماية البيانات الشخصية الجديد. ولكن لا يحدث ذلك، وعلينا أن نتوقف عن مطالبتهم بذلك. فمثلاً لم تتوقف أعداد كبيرة عن استخدام فيسبوك بعد الصخب الذي صاحب وسم #deletefacebook، وفقاً لما قاله “زاكربيرج” ولم يهتم مستخدمون كثر بمراجعة إعدادات الخصوصية الخاصة بهم. ويحدث فيسبوك هذه الإعدادات بصورةٍ متكررة، وأضاف اختصارات وعبارات تحدث المستخدم على تعديل هذه الإعدادات، لكن كانت الاستجابة ضعيفة.

إن كانت التشريعات تفيد الشركات ولا يفعل المستخدمون شيئاً حيال ذلك، فماذا علينا أن نفعل، لقد شهدنا انتشار وسائل الاتصال الاجتماعي اللامركزية مفتوحة المصدر حول العالم، وتحاول إعادة تعريف طريقة تفاعلنا مع الإعلام الاجتماعي، ولديها أفكارٌ واعدة، فبدلاً من استغلال المستخدمين، يستطيعون الاستفادة من جهودهم، ولكن لم تنضم أعداد كبيرة إليها حتى الآن.

وقد نواجه تسريباً جديداً للبيانات، وانتهاكاً لثقة المستخدمين قبل أن تقدم الحكومات حلاً فعالاً للسيطرة على الشركات الكبرى مثل فيسبوك، ظلت متورطة في هذه المشكلات حتى هذا الوقت.