وسائل التواصل والثورة.. الفاعل والمفعول به

عماد غليون17 أبريل 2018آخر تحديث :
وسائل التواصل والثورة.. الفاعل والمفعول به

قمت البارحة بإزالة إشارات الإعجاب التي سبق أن وضعتها على آلااف الصفحات الفيسبوكية خلال أكثر من ست سنوات؛ كما غادرت كل المجموعات التي جرى إرغامي على الدخول فيها دون معرفتي المسبقة.

لا يمكن تناسي الدور الهام الذي لعبته العديد من الصفحات ومواقع الانترنت مع إرهاصات الثورة؛ وكان دورها أساسياً في الدعوة للتظاهرات والنشاطات؛ كما قامت بتوثيق مقبول للأحداث والوقائع؛ وكمثال دور صفحة الثورة السورية في تسمية أيام التظاهرات والنقاش الواسع الذي كان يفرزه.

ما أثار دهشتي نسياني أسماء الكثير من تلك الصفحات والمجموعات والتنوع في نشاطاتها؛ ومع أني فشلت في تذكر الدوافع والأسباب الشخصية لإعجابي بها؛ لكن ذلك حفزني على أهمية دراسة وتصنيف وتوثيق الصفحات والمجموعات برمتها؛ واكتشفت على الفور أن الموضوع شاق وصعب لا يمكن تغطيته بجهود فردية؛ لكني اقتنعت بأهمية المشروع والمضي به إلى الأمام؛ وهذه المقالة بمثابة دعوة لمراكز الأبحاث السياسية والإعلامية الجادة.

يمكن بسهولة من خلال الصفحات والمجموعات رسم صورة بانورامية لتطور أحداث الثورة السورية ونشاطاتها وتغير توجهاتها الوطنية والفكرية؛ كما أنها تساعد بفهم وتوثيق التحولات المفصلية في مسار الثورة.

كمرحلة أولى أعتقد بضرورة القيام بجهود توثيقية قبل ضياع الكثير من الصفحات واندثارها؛ حيث توقف نشاط معظم الصفحات أو تم إغلاقها نهائياً وبقي القليل منها يعمل بالحد الأدنى؛ وحسب ضوابط الفيسبوك لا تظهر الصفحات  المتوقفة عن النشر وربما يتم إغلاقها؛ وقبل مدة قصيرة فقدنا ثروة هائلة من ملايين الفيديوهات التوثيقية المتعلقة بالثورة بسبب قرار إدارة يوتيوب بحذفها.

ما لفت انتباهي مجدداً نحو الصفحات هو الإشعارات الأخيرة من فيسبوك بتغيير نشاط بعضها وظهور بعضها في حلة جديدة مختلفة تماماً عن شكلها الأصلي؛ ويبدو أن مسؤولي بعض الصفحات اعتقدوا بإمكانية الاستفادة من الأعداد الكبيرة للمتابعين لها في تحويل صفتها إلى تجارية أو إعلانية.

في مرحلة من عمر الثورة توسع انتشار الصفحات والمواقع بشكل كبير؛ لكن ما أساء لها وأضعف من دورها ظهور هيئات وتنسيقيات ثورية وهمية غير موجودة على أرض الواقع؛ استغلها النظام في اختراقات خطيرة.

من المستغرب عدم التفات الهيئات الثورية السورية لمنصة تويتر واعتمادها عليها بشكل ضئيل في نشاطاتها الإعلامية؛ رغم أهمية تويتر ومتابعته من قبل الهيئات السياسية والحكومية والرسمية والدولية المختلفة؛ وكان من المفترض وجود صفحات للهيئات الثورية على تويتر وبلغات متعددة لمخاطبة الرأي العام العالمي بالطريقة التي يفهمها.

ربما كان استخدامنا لفيسبوك على نطاق واسع بسبب الخصائص السردية التي يتمتع بها التطبيق والتي تناسب طبيعتنا أكثر من تويتر.

استطاع الناشطون نقل أحداث الثورة عبر يوتيوب وكسر حواجز التعتيم الإعلامي من خلال ظاهرة المواطن المراسل؛ وشكلت بعض التسجيلات على يوتيوب علامات فارقة في تاريخ الثورة ومنها إعلان المقدم حسين هرموش انشقاقه عن جيش النظام؛ بالمقابل فتح يوتيوب الباب أمام ظهور تشكيلات عسكرية العديد منها وهمية تبث إعلان تشكيلها في تسجيل مصور لاستجلاب الدعم الخارجي.

وفشلنا كذلك في استغلال اليوتيوب خاصة باتجاه الخارج؛ مع أنه وسيلة إعلامية فاعلة سهلة الاستخدام ورخيصة التكاليف.

لعب السكايب دوراً أساسياً مبكراً في توفير اتصالات آمنة بين النشطاء؛ وظهرت الكثير من المجموعات على السكايب  كان دورها داخلياً محدوداً؛ واستطاع النظام من خلالها اختراق العديد من الحسابات النشطة.

لماذا انتهت معظم الهيئات الثورية والإعلامية والتنسيقيات مع اختفاء صفحاتها وتوقف نشاطها وتغيير طبيعته؟ وهل يرتبط مشروعها الثوري مع نشاطها الفيسبوكي بما يسمح القول أن العديد منها كان مجرد فقاعات إعلامية؛ ورغم ذلك لا بد من التنويه باستمرار بعض الهيئات وقيامها بجهود توثيقية هامة وأهمها تجمع ثوار سوريا الذي يقوم بدأب شديد على توثيق الشهداء يوماً بيوم رغم صعوبة المهمة.

الطريف أن يعتبر بعض مسؤولي الصفحات أنها ملك شخصي لهم يستطيعون التحكم به؛ والجميل حصول بعض الانشقاقات الثورية على خلفية سرقة الأدمن كلمة سر الصفحة؛ ومساهمة بعض تلك الصفحات بدفع شخصيات لواجهة العمل السياسي في المعارضة.

يطغى على خطابنا الثوري بشكل عام الأسلوب العاطفي؛ وربما لذلك نضع لايكات على صفحات فيسبوكية كثيرة تظهر  كردود أفعال لما يجري؛ وهذا ما يعطي أهمية بالغة لدراسة تلك الصفحات.

لم تظهر صفحات وبالتالي هيئات تستطيع فهم الأحداث وتفسيرها بعيداً عن العاطفة واستشراف المستقبل والقيام بالتوعية اللازمة.

وربما كان ذلك أحد الأسباب التي جعلتنا في وضع المفعول به في نهاية المطاف.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل