رحلة نزوح سوري.. تنتهي بخيمة

فريق التحرير15 أبريل 2018آخر تحديث :
تعيش العائلات الهاربة من منطقة “جبل الحص، وريف سنجار” جراء الحملة العسكرية التي تشنها قوات الأسد على المنطقة أوضاعاً سيئة في مخيمات عشوائية في ريف إدلب الشمالي – عدسة: علاء الدين فطراوي – حرية برس©

ولاء عساف – حرية برس:

لم تتوقف المصيبة عند التهجير فحسب… فمن قصف ودمار وقتل إلى خيمة على سفح جبل لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء… لا تملك أدنى خدمات الحياة الطبيعية لإنسان.

سعيد هو أحد نازحي ريف إدلب الجنوبي.. ترك منزله وخرج مرغماً حفاظاً على سلامته وسلامة أطفاله.. خاصة وأن قريتهم كانت الخط الأول للمعركة على (أبو دالي).. فاضطر إلى الخروج مع عائلته بثيابهم فقط.. تاركين خلفهم تعب عمرهم بين جدران منزلهم.. آملين بالعودة عما قريب..

يقول سعيد كان الأمل بالعودة مجرد خيال.. فبعد شهر تقريباً حققت فصائل الثوار نصراً.. وتقدمت ولكن عاد النظام ليتقدم عشرات الكيلومترات.. وراح يسيطر على القرى واحدة تلو الأخرى.. في تلك الأثناء كنت أتوارى تحت ستار الليل كاللصوص.. لأحضر ما تيسر من الضروريات من منزلي.

تابع سعيد مخنوقاً وهو يستعيد أيامه المريرة: حللنا ضيوفاً عند أقاربنا لأيام وكنت أراقب تقدم الجيش وتراجعه.. بعد أن فقدت الأمل بالعودة انتقلنا إلى غرب السكة الحديدية (سكة الحجاز).. في البداية كان لدينا قليل من المدخرات.. استأجرنا منزلاً وكأنني للمرة الأولى أتعامل مع البشر.. لا أدري هل حول نزوحنا أغلبهم إلى جشعين أم أنهم كانوا كذلك!.. راحوا يطلبون مبالغ خيالية مقابل غرفة لم لأسكنها لولا نزوحنا.. وبعد أن ضاقت بنا الحال قررنا أن نسكن في خيمة.. وما أدراك ما الخيام!

يستطرد سعيد قائلاً: وما هي إلا شهور حتى سمعنا أن قرانا باتت تحت سيطرة الجيش ومازال يتابع التقدم.. وحالنا من سيء إلى أسوء.. كلما أمطرت طافت خيامنا بالماء وغرقنا وبقايا أغراضنا.. وكلما هب الهواء حمل معه جدران مأوانا الوحيد.. وأحياناً نساهره طوال الليل البارد نسند الجدران من هنا وهناك.. حتى نستر حالنا.

ويضيف: وراحت تتوالى الأيام إلى أن وصلني خبر تفجر منزلي.. منزل قضيت 10 سنوات من التعب في الغربة كي أتمكن من بنائه.. هدموه بلحظات.

نظرت إلى بقايا الأثاث الذي استطعت إخراجه.. وحقيبتي التي جمعت فيها 35 عاما وهربت.. نعم هربت من الموت الذي يلاحقنا.. بقايا خيمة.. وأنقاض منزل وبعض الذكريات التي دفنت تحت أنقاض منزلي.. لم يكن صاروخاً من هدم جدران منزلي.. كان لغماً وضعته أيادٍ دموية..

ختم سعيد كلامه قائلاً “لا أدري أي مصيبة أعظم وأي بلاء أشد.. كنا نعيش ونقول لدينا منزل نعود له يوماً.. إلى أين نعود الأن وما الذي نملك.. لم يبق منه سوى الحجارة والذكريات التي لن تعود.. ماتت وتاهت بين أنقاض المنازل”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل