بيت حُدُدْ.. بلد يشتريه الإيرانيون بدون ثمن

مصطفى عباس14 أبريل 2018آخر تحديث :
رواية “بيت حدد” للكاتب السوري فادي عزام

“لا حياة في هذا القطر. حافظ الأسد” هذه العبارة هي التي وجدها فيديل – أحد أبطال رواية بيت حدد  للكاتب السوري فادي عزام- مكتوبة على أحد الجدران في دمشق بعد أن عاد إليها إثر هروبه منها خوفاً أن يقع في بين مخالب أجهزة المخابرات، فيما هو لا يزال يتذكر تماماً العبارة الكاملة قبل أن تفعل فيها عوامل الحت والتعرية فعلها، فالعبارة هي “لا حياة في هذا القطر إلا للتقدم والاشتراكية” مذيلة باسم حافظ الأسد، الذي جعل هو وابنه الحياة الطبيعية في ذلك البلد صعبة، بل الموت أفضل منها في بعض الأحيان، لتتأكد عوامل صوابية عوامل الحت والتعرية ” لا حياة في هذا القطر”.

فيديل تنازع الشيوعي والاسلامي

فيديل الذي يتنازعه اسمان فيديل الشيوعي كأبيه وفضل الإسلامي كأخواله، هرب من سوريا بعد أن أحب فتاة شيوعية فتعرضت للاعتقال، ففر خشية أن يعتقل هو الآخر إلى بريطانيا، وهناك وبعد تعثر طويل وتغيير مستمر للاتجاهات لمع اسمه كمخرج إعلانات ناجح، ويحمله العمل إلى دبي، ليعرض عليه أحد رجال النظام العفو، مقابل العودة إلى دمشق كي يصور فيلماً عن أحد مشاريع رجال النظام الطبية، وبالفعل يعود فيديل ويتعرف على لِيل الطبيبة التي تقع في غرامه، وأثناء أحد القُبَل يتم تصوير ليل، بغية ابتزازها من قبل أحد جلاوزة النظام، فترفض الابتزاز، وتخسر هي وزوجها كل ما يملكون، إضافة إلى خراب العلاقة مع زوجها، فتلحق بفيديل إلى دبي، ولكن الأخير بعد علاقات كثيرة وشديدة يتركها، ويذهب إلى سوريا كي يخرج أفلام داعش، فتلحق به كذلك إلى سوريا، لتجد وأثناء البحث عن فيديل أن حبيبها الأول الذي كان شيوعياً قد تحول إلى شرعي في جبهة النصرة. أخيراً تصل إلى داعش ولكن علاقة فيديل بداعش تسوء كونه يحاول أن يخرج الطبيب أنيس من سجون داعش، فيحكم على فيديل بالإعدام، بينما تهرب هي، وقد أصبحت حاملاً من فيديل.

بقية الأبطال

أنيس هو البطل الثاني في الرواية، مع حبيبته سامية، وهو طبيب سوري يعيش في بريطانيا يأتيه اتصال من محامٍ كي يبيع بيت خاله – بيت حدُد- كونه الوارث الوحيد لخاله، ويأتي إلى سوريا قبل فترة قصيرة من اندلاع الثورة كي يبيع المنزل ويعود أدراجه، ولكن صديقته القديمة سامية تقنعه بعدم بيع المنزل، ففيه حائط من بقايا معبد آدد عمره 3000 سنة، وفيه الكثير عن ذاكرة دمشق، بينما رجال النظام الذين لا يكنون لدمشق سوى الاحتقار يريدون شراءه، بغية تحويله إلى فندق أو مطعم، بينما هي تريد تسجيله في اليونسكو على قائمة المناطق الأثرية العالمية.

في هذه الأثناء تندلع الثورة وتضطر سامية المؤيدة للثورة للانتقال إلى أحد مناطق ريف دمشق المحاصرة، ويذهب معها الطبيب أنيس لتقع بينهم قصة حب، ولكن أنيس أثناء مغادرته المناطق المحاصرة يقع في قبضة مخابرات النظام، ويؤخذ إلى السجن، وهناك يجبرونه على إجراء عمليات لبيع أعضاء ويصورونه وهو يفغل هذا كي يبتزوه، فضلاً عن إجباره على بيت بيته لرجل أعمال إيراني، ويصوروا عملية البيع، ثم بعد الانتهاء يتم تمزيق العقد وشيكّات القبض.

يطلب أنيس أن تتم مبادلته مع حبيبته سامية التي وقعت في قبضة داعش، مقابل أن يطلق سراحها، وبالفعل يوافق داعش كي يبادله على أسرى لديه في سجن غوانتنامو، وهنا يدخل فيديل الذي كان يحاول تهريبه، فيتم اكتشافه، ليتم إعدام الاثنين معاً.

تأخذك الرواية إلى لندن لتكلمك عن المهاجرين هناك وأوضاعهم، واندماجهم في المجتمع البريطاني، لتوصلك على دبي تلك المدينة ذات الأوجه المتعددة، فهي مدينة مال ومدينة متعة ومدينة مسالمة، ” أنها تعطيك ما تريده أنت منها تماماً”.

الإيرانيون وشراء العقارات في الشام

تتكلم الرواية عن الثورة وأحوالها، وكيف أن المتطرفين الذين أطلق النظام سراحهم في بداية الثورة هم الذي تكفلوا للنظام بتشويه الثورة ووشمها بالتطرف، ولكن الأهم هو كيف تم بيع بيت حُدُدْ الذي يرمز لسوريا لتاجر إيراني، وهو كما فعل النظام عندما باع البلد للإيرانيين، وهو إشارة كذلك إلى حالة اشتراء العقارات في دمشق التي يشتريها سماسرة لصالح الإيرانيين.

هذه الرواية هي الثانية لفادي عزام يتم ترشيحها للقائمة الطويلة لجائزة بوكر، بعد روايته سرمدة التي صدرت عام 2011، وتتكلم عن التقمص والأحوال الاجتماعية في جبل العرب، عبر قالب درامي جذاب.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل