هل الصراع السوري في نهاياته

ماجد كيالي27 مارس 2018آخر تحديث :
هل الصراع السوري في نهاياته

من المبكّر الإجابة على السؤال المتعلق بنهاية الصراع السوري أو التكهّن بمآلاته، على ضوء ما جرى مؤخرا، أولا في الغوطة، حيث باتت الفصائل المسلحة المتغطية بالإسلام، الواحد تلو الآخر (فيلق الرحمن وأحرار الشام وجيش الإسلام)، تذهب نحو التسوية وتسليم مناطقها وسلاحها، لتخرج بمقاتليها إلى الشمال السوري، علما أن هذا الأمر كان حدث سابقا في مناطق أخرى، في القصير والزبداني وداريا وحمص وحلب. وثانيا في عفرين حيث استطاعت تركيا، ومن معها، من فصائل سورية معارضة، السيطرة في تلك المنطقة، وإنهاء وضع تنظيم الاتحاد الديمقراطي الكردي، ووضع خطوط نفوذ عسكرية وسياسية داخل الأراضي السورية.

القصد أن هذه ليست نهاية للصراع السوري في البعد المتعلق بالصراع على سوريا، بقدر ما هي بمثابة إعلان عن دخول هذا الصراع، بشقه العسكري، في إطار التصارع الدولي والإقليمي المباشر، بعد أن استمر طويلا بالوكالة، أي عبر أطراف محليين فقط.

هذا الاستنتاج يؤكد إدراك مسألتين، أولاهما أنه جرت بفعل تدخلات الأطراف الدولية والإقليمية، إيران وروسيا وتركيا والولايات المتحدة، إزاحة الوجه الداخلي للصراع السوري، وتغيير طبيعته من صراع شعب، أو أغلبية شعب، ضد النظام، من أجل حقوقه وتوقه إلى الحرية والكرامة والمواطنة والديمقراطية، وهو أمر اشتغلت عليه مختلف الأطراف، مستغلة ضعف المبنى السياسي للسوريين، وضعف إمكانياتهم الذاتية، وتخلف كياناتهم السياسية، وارتهان معارضاتهم للدعم الخارجي وبالتالي للتوظيفات الخارجية.

وثانيتهما أن الصراع على سوريا بات مكشوفا بين الأطراف الخارجية المذكورة، مع وجود قواعد عسكرية روسية وأميركية، ووجود قوات إيرانية وتركية، من دون أن يعني ذلك أن هذه القوى ستتقاتل عسكريا مع بعضها، وإنما ذلك يعني أن هذه الدول هي التي باتت مقررة في شأن تقرير مستقبل سوريا، وضمن ذلـك مستقبل نظام بشار الأسد، وتاليا مستقبل النظام السياسي في سوريا.

إضافة إلى كل ما تقدم، فإن ما حصل على المستوى الداخلي، يؤكد أن النظام السوري بات فاقدا للسيادة أيضا، بعد أن كان فاقدا للشرعية، وذلك بحكم وجود كل هذه الدول التي تسيطر على أجزاء كبير ة من الأراضي السورية، مع مواردها، ومع وجود دولتين هما روسيا وإيران تسيطران على القرار السيادي السوري، أو على خيارات النظام وتاليا مصيره.

أما من جهة المعارضة فقد كشفت “التسويات” الجارية حاليا كما سابقتها، ليس فقط تخلف إدراكات المعارضة، ولا سيما الفصائل العسكرية المتغطية بالدين، وإنما مدى ارتهانها للأطراف الخارجية، كما كشفت ضعف حساسيتها للمآسي التي عرضت شعبها لها، لا سيما في المناطق التي سيطرت عليها واعتبرتها مناطق محررة، في حين كانت مجرد مناطق محاصرة، وبمثابة حقل رماية لصواريخ النظام وبراميله المتفجرة طوال السنوات الماضية.

إذ كثيرا ما سمعنا عن “الساعة صفر” لإسقاط النظام، وقبل أشهر كنا نسمع عن ملحمة حلب، أو عن الصمود الأسطوري في الغوطة، وهي كلها تبينت عن ادعاءات لا تراعي موازين القوى المختلة لصالح النظام وحلفائه، ولا تأخذ في اعتباراتها عذابات السوريين، والأثمان الباهظة التي يدفعونها بسبب سيطرة هذا النوع من الفصائل، وبسبب انتهاجها سياسة السيطرة على مناطق ورفعها الصراع المسلح إلى مستويات تفوق قدراتها وقدرات شعبها على التحمل.

ما حصل لا يعني نهاية الصراع السوري، بوجهيه الداخلي والخارجي، لأسباب متعددة، أولها أن النظام بات ضعيفا وقد فقد كثيرا من مصادر القوة والسيادة والشرعية. وثانيا لأن الشعب السوري مازال يتطلع إلى تغيير أحواله السياسية، وأن ثمة أثمانا باهظة دفعت ومن الصعب تصور أن كل تلك التضحيات ستذهب هدرا. وثالثا لأن شكل الصراع الذي انتهى، أو قارب، والذي مثلته فصائل عسكرية تتغطى بالدين، هو الذي استهلك وانتهى، في حين أن المعارضة مازالت تملك رصيدا كبيرا في أوساط السوريين رغم ضعفها، ورغم ما حصل من خيبات في السنوات الماضية. ورابعا لأن القوى الدولية والإقليمية مازالت على الأرض السورية ومازال لديها ما تفعله بحسب أجنداتها. وخامسا لأن الولايات المتحدة التي باتت متواجدة مباشرة في سوريا لم تحسم أمرها بعد. وفي كل الأحوال فإن السوريين هم الذين دفعوا ثمن كل هذه الصراعات.

المصدر العرب اللندنية
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل