رهف وحلمها الصغير

فريق التحرير24 يناير 2018آخر تحديث :
الطفلة رهف

لجين المليحان – حرية برس:

رغم بساطة أحلام الأطفال السوريين في ظل القصف والحصار والنزوح واللجوء، إلا أنه أصبح من الصعوبة تحقيقها بل تكاد تدخل في خانة المستحيلات.

أثناء تجولي في مخيم الفجر في الريف الشرقي لدرعا الواقع على مفرق بلدتي أم ولد وجبيب صادفت طفلة ابتسامتها لا تفارقها، وسط ظروف سلبت منها ومن أقرانها طفولتهم وأبسط حقوقهم.

رهف الحمد السليمان طفلة من دير الزور لا يتعدى حلمها صغر سنها، حيث تحلم بأن تلعب كغيرها من الأطفال تحت أشعة الشمس التي تتناثر كشعرها الأشقر على وجنتيها.

رهف تبلغ من العمر 4 سنوات، نزحت هي وعائلتها من ديرالزور إلى ريف درعا، لتعيش معهم معاناة النزوح ثم لتعيش معها معاناتها مع المرض، حيث لم تكف رهف وعائلتها ما سببته الحرب من قصف ونزوح وانعدام مقومات العيش ليأتي مرض رهف حملاً ثقيلاً على عاتق والديها.

تعاني رهف من مرض يُسمى (ﻭﺭﺩﻧﺞ ﻫﻮﻓﻤﺎﻥ) ﻫﻮ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺮﺽ ﻳﺼﻴﺐ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﻲ، ويعرف أيضاً باسم الضمور العضلي الشوكي الوليدي الحاد  “Spinal Muscular Atrophy -S.M.A” وهو ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻮﺭﺍﺛﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ تصيب الخلايا العصبية الحركية الشوكية، وبالتالي يتسبب بضعف بالعضلات، ويتفاقم المرض مع السنوات إلى مشاكل في البلع والتنفس.

ويظهر الضعف أشد في العضلات القريبة من العمود الفقري أكثر من العضلات الطرفية، كما تظهر تشوهات ثانوية في بعض المفاصل، في حين لا تتأثر عضلات العين، بالإضافة إلى ﻧﻘﺺ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮﻱ، ﺍﻟﺘﺤﺰﻡ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﺭﺗﻌﺎﺷﻴﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻟﻠﻌﻀﻼﺕ وﺗﺄﺧﺮ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺤﺮﻛﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻭﺍﻟﻤﺸﻲ.

حدثنا أبو حسين والد رهف بحرقة على طفلته الصغيرة “عندما ولدت رهف لم يظهر عليها أي شيء حتى أصبحت تحبو، حيث لاحظنا عدم قدرتها على ثني رجلها وتبقى في حالة الاستقامة، ذهبنا بها إلى الطبيب وتم تحويلنا إلى المشفى لنجري لها عملية جراحية .

ويتابع أبو حسين حديثه والدمع يغمر عينيه “أجريت العملية ونحن ضعاف الحال وكانت تكلفتها مليون ليرة سورية، وهذه العملية أجبرتني على بيع كل ما أملك رغم أنه قليل، واستدنت من الأقارب لعل وعسى أنقذ طفلتي الصغيرة، وبعد إجراء العملية قام الطبيب بوضع الجبار على أرجلها حتى تأخذ وضع الانثناء لمدة 40 يوم” .

وأضافت أم حسين لم تنتهي معاناتها بالرغم من إجراء العملية واحتاجت إلى معالجة فيزيائية، والتي تبلغ تكلفة الجلسة الواحدة نحو 1500 ل.س، ولكنها لم تتحسن أبداً، وفي أغلب الأحيان لم نستطع أخذها إلى المعالجة الفيزيائية بسبب سوء وضعنا المادي.

أبو حسين يقول “يحترق قلبي عندما أرى رهف تحاول الركض مع أخوتها وأبناء الجيران لكي تلعب ولكن سرعان ماتتعثر وتسقط ولاتجيد الركض ورجلاها تتخبطان ببعضهما ، وأيضاً لاتستطيع أن تجلس وضعية الجلوس الطبيعية لأنها لاتستطيع ثني الركبة، نشعر بالعجز لأننا لانستطيع أن نعالجها أو نؤمن لها الدواء اللازمة أو المعالجة الفيزيائية، حيث أننا لانملك العمل أو مدخول يعيلنا في هذه الحياة، كما أن فترة النزوح طالت علينا وحسبي الله ونعم الوكيل”.

ووجهت أم حسين والدة الطفلة رهف برسالة تناشد فيها العالم والمنظمات والجهات وأصحاب الخير بأن يساعدوا رهف كي تشفى من مرضها، وذكرت إنهم يعانون من وضع مادي ومعيشي صعب جداً .

يُشار إلى أن المرض الذي تعاني منه رهف ليس له علاج يشفي المريض، ولكن هناك علاج لتخفيف أعراضه كالعمليات الجراحية لتحرير الشد والتشوه حول المفصل ليعطي مجال أوسع لحرية الحركة، وأدوية لعلاج الشد العضلي، بالإضافة إلى العلاج الفيزيائي لتقليل العاهات وتاخير حدوثها، المحافظة على القوة العضلية، زيادة الحركة للمفاصل والوظيفة بواسطة الجبائر، والحفاظ على زيادة سعة التنفس، لأن الخمول يتسبب بزيادة الشد العضلي والتشوهات.

ويعاني النازحون في مخيمات الجنوب السوري من سوء الأوضاع المعيشية وغياب الرعاية الصحية والاجتماعية، وندرة توفر الخدمات الأساسية ومتطلبات العيش بحدها الأدنى.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل