صيدنايا.. قلعة الأسرار – الخدمة في سرية الحراسة

مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثالث

وليد أبو همام29 ديسمبر 2017آخر تحديث :
وليد أبو همام

مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثالث

بدأت الأيام تمشي ببطء.. فكل شيء محيط بنا مكروه.. وخاصة تعامل صف الضباط، حيث كانت الثقة معدومة بين بعضهم، وكل شخص يخاف من الآخر، ولم نكن نعرف سبب ذلك حتى رأينا وسمعنا وتعلمنا من التجربة، فقد كانت كل كلمة تقال يمكن أن تصل من فورها لمدير السجن.

زاد تصميمي على الانتقال من هذا الجحيم، وانتظرت مغادرة زميلي، حيث أخذ هاتفي معه، وفي اليوم التالي عاد للالتحاق بالخدمة وقد تمكن من إحضار هاتفي وإخفائه بطريقة ذكية.

بعد أن حصلت على هاتفي أحسست أني حققت مرادي، فانتهزت فرصة خروج الجميع واتصلت بأهلي وأخبرتهم بأن يحاولوا نقلي من السجن بأي طريقة.

بعد هذا الاتصال أحسست بالراحة، وبدأت بالخدمة بمرافقة صف الضباط الأقدم مني كمتدرب على الدوريات، في الحرس أو بمهمة رئيس حرس على (باب الاستعلامات)، وهو باب السور الثاني.

لم تكن الخدمة صعبة بقدر ما كانت صدمتنا بالجو المحيط بنا.

ولم انتظر طويلاً حتى اتصلت بأهلي لأعرف إن كان هناك أمل بنقلي أم لا، أخبروني يومها أنهم تكلموا مع شخص ووعدهم خيراً.

تابعت خدمتي على أمل أن لا يطول وجودي في هذا الجحيم إلا بضعة أيام فقط، وقد أصبحت أتحمل مسؤولية الخدمة بنفسي بعد إنتهاء التدريب.

كانت الخدمة تقتضي الكثير من الحذر بقدر أهمية المكان، فأي خطأ قد تكون عقوبته كبيرة سواء في حال كوني رئيس حرس أو مناوباً على باب الاستعلامات.

بالنسبة للخدمة في السرية كان أغلب صف الضباط من محافظة درعا والآخرون من إدلب وريف حمص.

حدثني بعضهم أنه خدم في “الداخلية” ولكن نتيجة خطأ صغير نقلوه إلى السرية فأصبح متعارفاً عليه أن كل من يخدم في السرية هم من الذين لم يحصلوا على رضا مدير السجن.

بعد يومين أو أكثر من اتصالي الثاني بأهلي عدت للاتصال بهم مجدداً، فجاء الجواب الصادم غير المنتظر.. أخبروني بأن الانتقال من السجن أمر صعب جداً، هذا ما أخبرهم به الشخص (الواسطة)، معللاً ذلك بأن مدير السجن شخص صعبٌ جداً ولا يقبل نقل عناصر من عنده بسهولة، ولا يجرؤ الكثير من الضباط على التكلم معه بهذه الأمور.

أدركت عندئذ أنني سأكمل كل فترة خدمتي في هذا المكان، وأنه علي أن أحضر نفسي وأرتب أموري على هذا الأساس.

ولم يطل الأمر حتى بدأت التعايش مع هذا الواقع والتأقلم معه.

كانت علاقتنا المباشرة مع مساعد السرية وهو المسؤول عن الخدمة فيها، أما العناصر الذين يخدمون داخل السجن “الداخلية” فلم نكن نراهم كثيراً إلا عند مغادرتهم أو إجازاتهم، فخدمتهم منفصلة عن خدمتنا ومحصورة داخل بناء السجن فقط.

… يتبع

لقراءة الجزء الأول: صيدنايا.. قلعة الأسرار – أول مشاهد الرعب / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الأول

لقراءة الجزء الثاني: صيدنايا.. قلعة الأسرار – تحطم الآمال / مذكرات سجان في صيدنايا – الجزء الثاني

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل