“تجربتي في الثورة السورية” كتاب جديد للأديب خطيب بدلة

فريق التحرير11 نوفمبر 2017آخر تحديث :

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في الرابع والعشرين من شهر أكتوبر 2017، كتاب الأديب السوري خطيب بدلة “تجربتي في الثورة السورية- كفرية والفوعة وريف إدلب” في 144 صفحة، ضمن سلسلة “شهادات” التي يصدرها المركز.

يتحدث خطيب بدلة في هذا الكتاب عن تجربة ميدانية في الثورة ضد نظام الأسد في مدينة إدلب وريف إدلب الشمالي في الفترة الممتدة بين أواسط أبريل 2011 وأواخر شهر أغسطس 2012 حيث اضطر لمغادرة سوري باتجاه تركيا، ومن هناك تابع نشاطه الوطني والثوري، ولا سيما وأنه استقر في مدينة الريحانية الحدودية أكثر من سنتين.

تلفتُ النظر في الصفحة الأولى من الكتاب عبارة يؤكد عليها الكاتب في أكثر من مناسبة لاحقة، بل ويحاول أن يثبت صحتها كما لو أنها نظرية علمية وهي: (أنا إنسان عادي). ولعله أراد، بهذا، أن يناقض كتب التاريخ التي تقدم الأشخاص المشاركين في الثورات على أنهم أبطال وسوبرمانات.. وبالفعل فهو يتحدث عن الرعب الذي عاشه السوريون خلال حقبتي الأسدين الأب والابن ولا ينفي عن نفسه هذا الرعب. ولكن هذا لا يعني أن المشاركة في المظاهرات الأولى لم تكن تنطوي على شجاعة، بدليل ما أورده خطيب في الفصل الأول وهو:

“كنتُ، في بداية الثورة، مقرباً من ‏”‏تنسيقيات الثورة‏”‏ في مدينة إدلب، أتمتع لدى الشبان الثائرين بمصداقية كبيرة، لكوني، وأنا في التاسعة والخمسين من عمري، شاركتُ في معظم المظاهرات المعادية لنظام الأسد، وبضمنها المظاهرات الخطيرة التي تعرضتْ لإطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، إضافة لكوني كاتباً، محسوباً، بشكل أو بآخر، على معارضي النظام. ومن طريف ما مر معنا أن الشبان المتظاهرين، في البداية، كانوا يرتدون قبعات تشبه الجوارب تغطي الوجه والرأس مع وجود فتحتين للعينين، وذلك للتمويه على رجال الأمن، وأما أنا وتاج الدين الموسى (رحمه الله) ومحمد علي غبشة وراغب دخان، وأعمارُنا تتراوح بين الخمسين والخامسة والستين، فكنا نمشي في المظاهرات دون أي تمويه، وكان بعضُ الشبان يهمسون لنا، أثناء سير المظاهرة: نحن نفتخر بكم. وبعضهم كانوا يقبلون رؤوسنا ويتابعون دون أن نعرف من يكونون”.

يتمتع هذا الكتاب بأهمية استثنائية، رغم أن كاتبه أديب وليس مؤرخاً، فالتاريخ حقيقة يجب أن يُكتب من داخل الحدث، ومن قِبَل أناس وطنيين صادقين، ما يؤكد هذا الزعم أن الكاتب يتصدى لأخطر مشكلة تعرضت لها سورية خلال الثورة، وهي خروج الطائفية من تحت الرماد، وتعميقها من قبل النظام والقوى الظلامية الأخرى.. هذا عمل خطير جداً تنبه له خطيب مع بعض المثقفين الآخرين، وحاولوا مقامة هذه الأمواج العاتية، ولكنها، للأسف، جرفتهم..

خطيب وأولئك المثقفين، طرحوا، على نحو مبكر، فكرة تشكيل “هيئة للسلم الأهلي” حملوها وذهبوا بها بداية إلى الفوعة، وكفرية، ثم إلى القرى الدرزية، إضافة إلى أنهم حاولوا تطويق المشاكل ذات الصبغة المذهبية التي بدأت تأخذ مكانها على أرض الواقع مثل خطف عسكري مجند درزي واختطاف أشخاص من كفرية والفوعة، وفيما بعد اختطاف مدير المصرف الزراعي في معرتمصرين.. وقد تطور الأمر بعد أن لجأ بعض أهالي الفوعة وكفرية إلى التسلح، إلى وقوع حادثة خطف (تجويل) متبادل بين الفوعة وكفرية من جهة، وبنش وحزانو من جهة أخرى، هذه الحادثة الملحمية التي بدأت وأصبح من الصعب تطويقها، وهي التي تولى الكاتب خطيب بدلة بنفسه عملية (فك الاشتباك) الخاصة بها، وفي الكتاب حديث شيق عن السفرات المكوكية التي كان ينجزها وهو الأعزل عابراً عدداً كبيراً من الحواجز العائدة لسلسلة البلدات الواقعة بين معرتمصرين وبنش مروراً بكفرية ثم الفوعة.

يعتمد خطيب في هذا الكتاب على مبدأ الخطف خلفاً، مفنداً الطريقة الرهيبة التي تمكن حافظ الأسد بموجبها من السيطرة على سوريا وإذلال شعبها وإركاعه، ففي بداية الثورة يأتي أحد الرفاق البعثيين، وهو صديق شخصي للكاتب، ويدعوه إلى ما يشبه المناظرة في المركز الثقافي بين الصديق ممثلاً للبعث، وخطيب بوصفه من البارزين في صفوف الثورة، فاعتذر عنها مذكراً صديقه بتاريخ طويل عريض من وقوف السلطة (سلطة البعث والعائلة الحاكمة والمخابرات) ضد أي مناظرة، أو رأي، أو معارضة، أو أي نشاط عليه القيمة في سوريا، “فهل ستأتون الآن لتثبتوا للناس من خلالنا أنكم- ما شاء الله- ديمقراطيون؟!”.

في الكتاب فصول عامرة بالقصص والحكايات الشيقة التي اعتدنا عليها من الأديب خطيب بدلة، وتجدر الإشارة إلى أنه أصدر خلال سنوات الثورة السبع سلسلة من الكتب التي تتحدث عن الاستبداد هي:

– قصص وحكايات وطرائف من عهد الديكتاتورية في سورية.

– حكايات سورية لها علاقة بالاستبداد.

– وللمؤلف كتاب تحت الطبع بعنوان: كوميدي الاستبداد.

 

خطيب بدلة في سطور:

– أديب وكاتب سوري من مواليد إدلب في العام 1952

– يحمل شهادة الإجازة في العلوم الاقتصادية من جامعة حلب.

– يعتبر من أبرز الكتاب السوريين الذين يكتبون بأسلوب كوميدي شعبي ساخر.

– كتب العديد من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية المختلفة. 

– صدر له مجموعات قصصية من أبرزها: حكى لي الأخرس، وعودة قاسم ناصيف الحق، وامرأة تكسر الظهر، وامبراطورية المجانين الديمقراطية العليا، واحترامي سيدي المواطن.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل