من الكهرباء إلى الماء.. طهران تحاصر العبادي بالأزمات

فريق التحرير4 يوليو 2017آخر تحديث :

 

نهر الزاب الصغير – كركوك – العراق

خرجت، الإثنين، مظاهرة في مدينة كركوك مركز المحافظة التي تحمل ذات الاسم والواقعة بشمال العراق، طالب منظموها حكومة بغداد الاتحادية بالتدخل بشكل عاجل لدى السلطات الإيرانية لإثنائها عن قطع مياه نهر الزاب الصغير الذي ينبع من الأراضي الإيرانية ويعبر أراضي كردستان العراق مشكّلا شريان حياة لعشرات الآلاف من العراقيين، فضلا عن كونه رافدا من روافد نهر دجلة إذ يصبّ فيه عند شمال مدينة بيجي بمحافظة صلاح الدين.

وبقطع مياه النهر، تطل أزمة مياه في العراق تضاف إلى أزمة الكهرباء في هذه الفترة الحساسة التي يقبل فيها البلد على توديع مرحلة حرب مرهقة ضدّ تنظيم داعش كلّفته آلاف القتلى، ومليارات الدولارات، وخرابا كبيرا في البنى التحتية والمرافق الأساسية.

وهدّدت سلطات كردستان باقتطاع ما ينقص من مياه الزاب من حصّة جنوب العراق من مياه نهر دجلة، لتشكّل قضية النهر بذلك، مشروع صدام جديد بين المكونات العراقية.

وفوجئ العراقيون مع موجة الحرّ التي تجتاح البلاد بتضاؤل مياه الزاب الصغير الواردة من إيران، ثم انقطاعها لتستمر فقط المياه المتجمّعة بسدّ دوكان المقام بمحافظة السليمانية، ما يجعل انقطاع مياه النهر الذي يروي مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية ويزوّد كركوك بمياه الشرب، مسألة وقت.

وأثار قطع مياه النهر في هذا التوقيت بالذات، رغم أنّ إيران كانت قد استكملت منذ مدّة إقامة سدّ كبير عليه، تساؤلات انطوت على شكوك بشأن وجود خلفيات سياسية وراء الخطوة.

وقارن هؤلاء قطع مياه النهر في أوج موجة الحرّ، بإقدام طهران على تقليص كمية الكهرباء التي تمدّ بها العراق بحجّة عدم التزامه بتسديد المستحقات المالية المترتبة عن ذلك.

ومثلما أثار تضاؤل المياه احتجاجات في شمال البلاد، كان نقص الكهرباء قد أثار غضبا شعبيا في الجنوب حيث امتدت المظاهرات المطالبة بتحسين عملية التزويد بالكهرباء من النجف إلى كربلاء.

وأوقفت إيران عمليات تزويد العراق بنحو ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، لأن بغداد لم تف بالتزاماتها المالية. وتقول طهران إن بغداد مدينة لها بنحو مليار دولار، لم تحصل إلا على ثلثها في مايو الماضي.

وتقول مصادر في وزارة الكهرباء العراقية، إنّ إيران توقفت عن تزويد العراق بالكهرباء كليا العام الماضي، لكنها عادت لتجهيزه بجزء من الكمية التي كانت تصدرها إليه سابقا بعدما حصلت على جزء من أموالها.

وتقول إيران إنها “قسطت ديون العراق الناجمة عن شراء الكهرباء بناء على طلبه إلاّ أنه عاد وأخلف في دفع مستحقاته”.

وقبل أن توقف إيران صادرتها من الكهرباء إلى العراق، كانت تزوّده بما يصل إلى ألفي ميغاواط بموجب اتفاقية وقّعها البلدان العام 2005، لكنها تزوّده حاليا بنصف هذه الكمية، وتطالبه بتسديد ديون سابقة.

ويقول مسؤول شيعي بارز في حكومة العبادي، طالبا عدم ذكر اسمه، إن “الذين يظنون أن ايران تساعد العراق مجانا، واهمون”، مؤكدا أن “إيران استوفت حق كل إطلاقة نارية أعطتها للعراق في إطار الحرب على داعش”.

ويضيف “إيران تقدم لنا تسهيلات تتعلق بسرعة حصولنا على ما نحتاجه، لكنها تستوفي أجور كل شيء وفقا لأسعار السوق”.
ولا يستبعد المسؤول ذاته أن تكون إيران مستفيدا مباشرا من أي تظاهرة مناهضة لحكومة العبادي، لا سيما في النجف وكربلاء، حيث يتركّز نفوذ المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني.

ويقول مراقبون إن التنافس بين مرجعية خامنئي ومرجعية السيستاني لم يعد سرا في العراق منذ أن دعمت المرجعية الأخيرة حيدر العبادي، بشكل علني، ليصبح رئيسا للوزراء في العراق خلفا لنوري المالكي، المدعوم من مرجعية خامنئي.

وفي ملف الماء، قالت السلطات المحلية بمدينة السليمانية التابعة لإقليم كردستان، إن السلطات الإيرانية أوقفت تدفق مياه الزاب الصغير الذي يغذي نهر دجلة، ويسقي مساحات زراعية واسعة داخل العراق.

ويقول مسؤولون أكراد إن الحكومة الايرانية قطعت مياه النهر كليا عن العراق، وسط انتقادات لصمت الحكومة المركزية.

وفي حال استمر توقف مياه الزاب الصغير عن التدفق نحو الأراضي العراقية، فإن مناطق واسعة في محافظتي ديالى وكركوك، ستواجه خطر العطش.

ويقول وزير الزراعة في الحكومة الإقليمية لكردستان العراق، عبدالستار مجيد إن “السلطات الإيرانية منعت تدفق المياه إلى الزاب الصغير كورقة ضغط ضد إجراء الاستفتاء على استقلال الإقليم، عبر إقامة سد عليه في منطقة سَردشت غرب إيران”.

ويضيف “أبلغنا بغداد أنه في حال قطعت طهران المياه عن إقليم كردستان، فإننا سوف نضطر للتعويض من مياه نهر دجلة المتجهة إلى جنوب العراق”.

وبهذا يصبح قطع مياه الزاب بمثابة تمهيد لإثارة أزمة جديدة في العلاقة بين إقليم كردستان العراق وحكومة بغداد المركزية.

وفي اللقاء الذي جمع المرشد الإيراني برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في العشرين من يونيو الماضي، أعلن علي خامنئي معارضته للاستفتاء المزمع إجراؤه في إقليم كردستان العراق في سبتمبر القادم.

وقال خامنئي للعبادي إن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعارض الاستفتاء في العراق وتعتبر الساعين إلى هذا الأمر معارضين لاستقلال ووحدة العراق”.

غير أنّ مطّلعين على الشؤون العراقية، يرجّحون أن يكون إصرار طهران على إثارة الأزمات لحكومة بغداد رغم ادّعاء طهران التحالف معها ومساندتها، مرتبطا بنظرة الشكّ التي ترمق بها القيادة الإيرانية رئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي الذي أفصح في أكثر من مناسبة عن سعيه إلى ربط علاقات متوازنة للعراق بمحيطه الإقليمي، ما يعني بالضرورة الحدّ من نفوذ إيران وسطوتها على القرار السياسي العراقي.

ويؤكّد هؤلاء أنّ ما يزيد من توجّس إيران من العبادي، خروجه قويا من الحرب ضدّ داعش التي لم ينجح في كسبها فحسب، بل استطاع أن يوازن خلالها بين الدور الإيراني والدور الأميركي، فيما ضغطت طهران طوال حلقات تلك الحرب باتجاه إسناد الدور الأساسي فيها للميليشيات الموالية لها.

  • نقلاً عن: العرب اللندنية
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل