قطع المساعدات الإنسانية عن إدلب قد يعزّز قوة “تحرير الشام”

فريق التحرير28 سبتمبر 2017آخر تحديث :

تنظر بعض البلدان في قطع كل الدعم المقدم إلى جماعات المجتمع المدني في إدلب للضغط على “هيئة تحرير الشام” ، ولكن هذا التصرف سيكون مجرد لعبة فقط في أيدي هيئة تحرير الشام.

وقد أدى الانتصار الأخير لهيئة تحرير الشام على “أحرار الشام” إلى توطيد سيطرة التحالف المسلح التابعة للقاعدة على إدلب. لكن السيطرة العسكرية لا تعني أنها مسؤولة عن جميع جوانب الحياة في المحافظة.

والواقع إن هيئة تحرير الشام لم تتمكن من صنع جذور عميقة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، على الرغم من توليها إدارة الكهرباء والماء في إدلب، التي توفر مصدراً رئيسياً للدخل وآلية للسيطرة على السكان.

إن هذا التمسك بالموارد الرئيسية هو السبب الرئيسي الذي يرضخ له الكثيرون، وليس لأنهم يتفقون مع أيديولوجية الجماعة أو أساليبها. وفي الوقت الذي يصبح فيه النزاع السوري محليا أكثر فأكثر، فإن السكان يميلون بالفعل إلى الثقة في جماعاتهم المسلحة المحلية أكثر من هيئة تحرير الشام.

عدم القبول العام

عندما ظهر العنصر الرئيسي للمجموعة (الذي كان يعرف آنذاك باسم جبهة النصرة) بالعودة إلى إدلب في ربيع 2015 بعد أن أضعفها تنظيم داعش، تم حشد الدعم على أساس تقديم الحماية الناس من النظام السوري، ولكن أساليبهم العدوانية لفرض السلطة سرعان ما أثارت نفور الناس، مما جعلهم يتحولون بدلاً من ذلك إلى الجماعات المحلية التي تتألف من أقاربهم والجيران للحماية.

إن هيئة تحرير الشام تدرك تماماً غياب القبول العام لهم، وسعت لمحاربته بطرق مختلفة، حيث حاولت أولاً تولّي مؤسسات الحكم المحلي مثل المجالس المحلية ومجلس المحافظة، لكنها واجهت مقاومة عنيفة. ثم حاولت التسلل إلى هذه المجالس من خلال طرح بعض أعضائها كمرشحين في الانتخابات المحلية ،ولكنها فشلت مرة أخرى إلى حد كبير.

و تحاول الآن إنشاء هيكل حكومة موازٍ تحت اسم “الإدارة المدنية”، ولكن هذه المبادرة لم تحظ بتأييد واسع أيضاً.

وظلت الاحتجاجات العامة والمقاومة ضد هيئة تحرير الشام مستمرة طوال هذا الوقت، حيث لعبت جماعات المجتمع المدني دوراً رئيسياً من خلال عقد دورات لتعليم السكان قيم المواطنة، بالإضافة إلى مبادرات لدعم التمكين السياسي للمرأة، وفعاليات لدعم الإدارة الحرة وإجراء انتخابات محلية عادلة.

وقد كان الدعم الأجنبي لمجموعات المجتمع المدني في إدلب مصيرياً في هذا العمل، على الرغم من أن العديد منهم يتعرضون لضغوط متزايدة من قبل هيئة تحرير الشام بسبب هذه الروابط الأجنبية.

ولكن الآن هذا التمويل مهدد، بسبب الحجة التي قدمها بعض المانحون أنه على الرغم من أن مجموعات المجتمع المدني ليست مرتبطة بهيئة تحرير الشام، إلا أن توفير الخدمات للسكان المحليين في الواقع تجعل السيطرة أسهل لهيئة تحرير الشام .

في الواقع لقد وجدت هيئة تحرير الشام صعوبة في السيطرة على إدلب عسكرياً وأن تضع يدها بالكامل على الإدارة في المحافظة أيضاُ. لذلك يعتقد بعض المانحون أن إرغام هيئة تحرير الشام على تقديم الخدمات بنفسها سوف يسبب ضغطاً كبيراً على قدرتها، مما يؤدي إلى فشل يثير استياءً واسع النطاق والذي من شأنه أن يضعف تماسكها.

ولكن هذا النهج يعد إشكالية كبيرة. فإذا تم قطع المساعدات الخارجية، فإن هيئة تحرير الشام سوف تلجأ لتحشيد الناس إلى جانبها بحجة أن الغرب ليس أهلاً للثقة، وستقدم نفسها لسكان إدلب كخيار وحيد في المعركة ضد النظام السوري. كما ستوجه هيئة تحرير الشام مواردها المتاحة لدعم فصائلها الرئيسية فقط بدلاً من محاولة تقديم الخدمات لجميع سكان إدلب. وبالتالي فإن قطع المساعدات الخارجية سيسبب ضغطاً كبيراً على الحياة اليومية لمعظم سكان إدلب.

وقبل أن تتخذ الجهات المانحة الغربية تدابير جذرية فيما يتعلق بالمجتمع المدني في إدلب، يجب عليها أن تجري تحقيقاً أعمق في آلية عمل هيئة تحرير الشام والمجتمع المدني في المنطقة، وإلا فإن المقصود من أن يكون وسيلة لمحاربة هيئة تحرير الشام في نهاية المطاف سيحقق نتيجة عكسية تماماً.
المصدر تقرير أعده معهد شاثام هاوس - ترجمه إلى العربية إسراء الرفاعي - حرية برس
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل