بعد «حلب تنتصر» ما مصير الثورة السورية؟

فريق التحرير7 يناير 2018آخر تحديث :
بعد «حلب تنتصر» ما مصير الثورة السورية؟

ماذا كسب الشعب السوري المكلوم من حوارات ومفاوضات ما يسمى بالمعارضين مع النظام خلال رحلة الجنيفات والتي وصلت اليوم لمحطتها الثامنة، ما الذي يخشى أن يخسره اليوم في تغيير طريق الحافلة نحو سوتشي أو غيرها؟

كل محطة من محطات جنيف كان يسبقها مجزرة بحق شعبنا، وبعد كل منها كانت الباصات الخضر تقوم بتهجير سكاني مروع وقسري؛ فحمص القديمة وبلودان والزبداني وداريا والوعر وغيرها لا تزال تؤرق ذاكرتنا يومياً، هذا التهجير وهذه المجازر إضافة إلى الآلاف من المغيبين قسرياً في معتقلات النظام هي حصيلة ما كسبه الشعب السوري خلال رحلة التفاوض في جنيف، وبالتالي لم يعد لديه مايخسره في حال تم تغيير طريق التفاوض.

مريم تستصرخ أخوتها أن أنقذوني من براثن الذئاب البشرية، بينما أخوتها منقسمون على أنفسهم، فمنهم من يعد البيانات والعرائض لتخوين الذاهبين إلى “سوتشي” حتى قبل أن يتم الإعلان الرسمي عن موعده أو معرفة الأسماء التي يمكن أن تتم دعوتها -علماً أنه حتى تاريخ اليوم ما زال زمان المؤتمر المزمع عقده مجهولاً- مما شوش على الوفد المفاوض بجنيف وخاصة بعد أن صرح وهدد ديمستورا المعارضة بأن عليها أن توافق على ما يتم تداوله بأن بشار لن يسقط إلا بالانتخابات، وهذا تراجع دولي واضح وفاضح لما تم الاتفاق عليه من مقررات سواء عبر قراري مجلس الأمن أو عبر وثيقة جنيف، هذا التهديد والوعيد ربما دفع بعض أطياف الوفد أن تعلن في قرارة نفسها أنه لربما تشارك في المؤتمرات التي قد تجري في أماكن أخرى سواء أستانة أو سوتشي أو غيرهما، وهذه القوى ستبقى صامتة ولن تصرح عن مواقفها إلا في حينه ووفق مقتضيات مصلحتها والبعض الآخر حسم أمره وقرر الذهاب كمنصة القاهرة وغيرها.

وتبقى هنا صرخات وتخوينات واعتراضات وعرائض التوقيع وبيانات إدانة لا قيمة دولية لها، فهي لن تغير شيئاً لا بل قد تزيد مخططي الحل خارج جنيف وأقصد الدول الفاعلة بل المحتلة للأرض السورية (روسيا، إيران، وتركيا) إصراراً على المضي بخططهم ضاربين بعرض الحائط كل صرخات المعارضين الذين بالأصل لاوزن شعبي لهم على الأرض.

وحتى لا نتهم بأننا ننتقص من قيمة هذه المعارضة وقواها والتي بمجملها تنتمي للتيارات اليسارية والعلمانية والليبرالية الجديدة نوضح بأننا هنا لا ننعت تلك القوى بالعبثية السياسية، ولكن نحن نذكر بحقيقة واقعية مؤسفة لأنه حتى هذه القوى منقسمة على نفسها ولم تستطع خلال السنوات الماضية تشكيل جبهة موحدة لها بالرغم من المحاولات العديدة، وهذا سبب إضافي لتحييد تلك القوى وتهميشها من قبل المجتمع الدولي والدول الفاعلة في الحل السوري، لا بل يعتقد كثير من الساسة الدوليين أو المحليين أن هذه الخطب من قبل هذه القوى هو للفت النظر والحصول على حصة في كعكعة الحل.

على هذه القوى إن كانت جادة في قلقها على مصير الثورة أن تقوم بتحكيم العقل والضمير وتدوير الزوايا عبر توحيد جهودها أولاً، وثانيا عبر اتخاذ موقف بغض النظر عن جغرافية المؤتمر، فإنه على الذاهبين عدم التنازل عن وثيقة جنيف وقرارات مجلس الأمن.

لقد ضحى السوريون بأكثر من مليون شهيد وضعفهم مقعدين وآلاف آلاف المعتقلين والمعتقلات وملايين المشردين اللاجئين (والذين للأسف تبين أن أكثر من نصفهم قد صرحوا للسلطات في بلدان اللجوء بأن هروبهم كان نتيجة العصابات المسلحة ولم يكن بسبب إجرام الأسد وعصابته).

هذا الواقع المأساوي للمعارضات ذات النفس الديمقراطي المدني مع إعلان الدول كفرنسا وغيرها أنه يمكن التعامل مع الأسد إضافة للمشهد الذي رأيناه في حلب مع نهاية العام المنصرم المتمثل (بمسيرات العار) تحت إسم “حلب تنتصر” والذي قد يتكرر في مدن أخرى بالرغم من محاولات التبرير بأنهم خرجوا مرغمين على ذلك، علماً أن الشعب السوري لمدة خمسين عام خلت كان يفترش الساحات مرغماً في مسيرات “بالروح والدم”

هذا المشهد وهذا الواقع يستدعي من القوى صاحبة دعوات التخوين على قلتها وضعف صوتها إلا أنه بالإمكان في حال تضافرت جهودها وتماسكت وقدمت خطط بديلة لأي طارئ قد يحدث أن تعيد الثورة لألقها الأول عندما انطلقت مدنية سلمية في عامها الأول.

من هنا علينا أن نعرف إمكانياتنا على الأرض على الرغم بأنه خلال الأربع سنوات الماضية لم يكن للقوى الديمقراطية العلمانية أي قوة على الأرض بل كان الفعل كله للقوى المتطرفة التي طبلنا لها في أكثر من معركة عندما كانت تعلن نصراً وهمياً ثم لانلبث بأن نقوم بشتمها وسبها ووصفها بأنها صنيعة النظام، هذه المواقف المتناقضة التي كانت تصدر عن القوى الديمقراطية العلمانية لعبت سلباً في نظرة المجتمع الدولي لهذه القوى، ففي الحقيقة والواقع لايوجد اي قوة ديمقراطية تحظى باحترام أي دولة، وهي أصلاً لم تعرف أن تسوق نفسها بشكل صحيح بأنها صاحبة المصلحة الحقيقية للتغيير، وبأن الأخوان وكل المنظمات التي تشكلت على أساس إسلامي قامت بخطف الثورة عبر دعمها من قبل الدول التي كان لها مصلحة في إخماد الثورة السورية.

في النهاية مريم وشقيقاتها ما زلن يستصرخن الشرفاء بأن آن آوان الاقتصاص من المجرمين وإحالتهم إلى العدالة وهذا يستدعي اتخاذ مواقف جريئة وواضحة وموحدة وبغض النظر عن جغرافية المؤتمر رغم أننا نحبذ جنيف، وبأن الحل في سوريا لن يرضى عنه السوريين إلا عبر تشكيل لجنة حكم انتقالي وإحالة جميع المجرمين من النظام ومن القوى الأخرى إلى العدالة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل