القضاء بين الحاضر والماضي.. العدالة المسلوبة

محمود أبو المجد24 ديسمبر 2017آخر تحديث :
محمود أبو المجد

من الطبيعي أن تعم الفوضى في المناطق التي تشهد حروباً ونزاعات داخلية، حيث تنتشر السرقات والسلب والنهب والقتل، وعند اختلاف الأفكار والمعتقدات تكثر الخلافات مما يزيد الأمر تعقيدا، ومما لا شك فيه ضرورة خلق رادع ومحاسبة كل من يخطئ بحق الآخرين.

في الثورة السورية كان من أهم مطالب الثوار والمتظاهرين هو إحقاق العدل ومحاسبة المفسدين، وخاصة في مرفق القضاء، حيث كان الفساد مستشرياً في المحاكم، حيث كانت “الواسطة” هي السبيل الوحيد للحصول على أحكام في القضايا المعروضة على القضاء، وحتى لو كان المتهم مذنباً فقد كان الحصول على حكم يحابي المتهم أمراً ممكناً، وكان هذا الأمر يتم عن طريق وسطاء، وهنا تبرز أسئلة كثيرة تطرح نفسها: هل تحقق العدل وأخذ كل ذي حق حقه في المناطق المحررة؟ و هل كان قضاة هذه المناطق على قدر المسؤلية؟ وهل كانت المحاكم بديلاً جيداً عن المحاكم أيام حكم نظام الأسد؟

المواطن العادي ومن خلال رؤيته للواقع يجد أن الأمر لم يختلف عليه كثيرا، وفيما يتعلق بالمحاكم في المناطق المحررة، ففي كثير من الأحيان عندما يكون المذنب شخصاً يتبع لفصيل مسلح قوي، أو تيار سياسي نافذ، يمكن أن يمر الأمر دون محاسبته أو زجه في السجن، و ما زاد الطين بلة هو أنه في كثير من المواقف يتم محاسبة الضعيف وغض النظر عن القوي وبنفس التهمة والجرم!

كما أنه بات معروفا بأن المحكمة الفلانية محسوبة على الفصيل الفلاني ويتم من خلالها تجاوز أكبر أخطاء الفصيل حتى لو تعلق الأمر بقتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحق!

ويبدو أن الواقع لم يتغير فيما يخص القضاء، فمن يسمى “مفتاح القاضي” عند نظام الأسد وذلك عن طريق الرشاوى، بات اليوم في أحيان كثيرة هو نفسه قائد الفصيل، الذي يفرض الحكم الذي يريده بتبرئة أي عنصر يتبع لفصيله بغية إخفاء معالم جرمه ليبقى اسم قائده نظيفاً، حتى لو كان هذا على حساب أهداف الثورة التي نادى بها الشعب بأكمله (الشعب يريد العدالة والمساواة).

وفي حالات كثيرة يمكن أن يكون “مفتاح القاضي” هو بطنه، وذلك عن طريق الولائم التي تقام عند المتنفذين وأصحاب رؤوس الأموال والتجار، وبهذا يمكن أن يضمن هذا التاجر ولاء القاضي أو “الشيخ” الذي سيحتاجه يوما ما.

هذا الواقع المخزي ينادي الجميع بتغييره، ممن يريدون تحقيق العدالة ومحاكمة القوي قبل الضعيف، كي يحس المواطن بتحقيق جزء بسيط من الحقوق التي طالب بها.. فهل ننتقل قريباً إلى واقع أكثر عدلاً وإنصافاً يسود فيه القانون على الجميع؟!

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل