سمر بدر تكتب: الرحيل الأخير

سمر بدر25 نوفمبر 2016آخر تحديث :

أمومة
* نص: سمر بدر

لا تحبها حتى تكون لك سماء ثامنة ..حتى تبدو لك صفرة وجهها بدائل الشمس إليك ..حتى تقطف لها نجمة أشارت لك بعينيها
حتى تخطئ في وصف الطريق لك ومع هذا تصل إليها .
كانت أسماء تسمعني بإبتسامة براقة على السكايب.. وما إن أغلقت الهاتف بسرعة لخوفها من مجيء أحدهم
اعتدت على ذلك بطبيعة الحال ..
تعرفت على اسماء في الابتدائية ..ومنذ الثانوية لم أكلمها لإنشغالها .
تزوجت أسماء في عمر مبكر هذا ما أذكره وعندها بنات كثر ، حتى أن الجميع يعرفها بأم البنات
في الأحداث نزحت مع زوجها إلى فلسطين مسقط رأسهم
يسقط الدلو الممتلئ وتتسع حوله الدوائر ، لم تكن تتوقع أن تلد بهذه السرعة وهي التي ألفت المخاض وملته ، كانت تناجي: “صبي يالله”
لانخلة تهزها إليها ولا صوت ملك يشير إليها أن لاتحزني
عند أول تقلص للرحم تتذكر جدها الذي كان يمنعها أن تدرس، بينما يعول على أخيها بأن يصبح طبيباً أو مهندساً او حتى معلما
تصرخ ، يحمر وجهها
كانت الشمس محرقة هذا النهار …. اختلط عرقها بقطرات ماء دلوها العذبة …استغرقت وقتا طويلا هذه المرة بإستخراج هذا الدلو …
لا أحد يسمعها الآن .. كما أنه لا أحد سمعها يوما ما.
تفكر أسماء هل إن مت هنا سأحدث ضجيجا في قلب احدهم
يسقط حذاؤها الضيق على قدمها ، منذ البداية لم يكن ليعرف مقاس قلبها حتى يعرف مقاس حذاءها
زوجها الذي كان يرفض العمل بحجة أنه خائف عليهم من الغياب الطويل بإعتبار أنهن “ضلغ قاصر”
فصون الأعراض أهم من أي شيء كان ..
ولذلك ارتضى أن يعمل في دكان القرية المجاورة لبيته
كان طول النهار ينفث دخان السجائر ويثرثر أكثر من النساء الفارغات على حافة الطرقات
أسماء التي تمتلك وزنا زائدا و يتهمها زوجها بإهمال مظهرها غير مكترث لما أهمله في حقها طوال تلك السنوات التي مضت
في كل مرة تحمل الماء من البئر البعيدة أو تحمل ابنته المريضة وهو يسبقها بخطوات وكأنها مهمتها أن تتحمل كل ذلك ، مشيرا بأن البنت ‘بألف رجل’
بينما كان يشير إليها كعورة اذا ما أرسلت له ابنتها الكبيرة لشراء حاجيات من الدكان.
من سيعرف ذلك كله سوى صديقاتها اللاتي يشبهنها بشكل ما
ريم التي أحبت رجلا من قرية أخرى في الوقت الذي كان بإمكانها أن تتلقى الحب من عائلتها الأكثر قربا
و علا التي بقيت سجينة البيت لا يكلمها أحد فجأة ، لأنها دخلت في دائرة البلوغ
فيكلمهنا صديقاتها من وراء الشباك
شهيق زفير … تنتهد دون التفاتة…تسمع صراخ طفلها لقد منحتها الحياة شرف أن تصبح أما قبل أن تمنحها أي شيء
بالرغم من انها منذ خمسة عشر عاما اصبحت اما
لكن صوت الزغاريد على دمائها اليوم هي من تنبيء أنها المرة الأولى
تغيب عن الوعي وهي تسمع صوت خطوات ألفتها.. تعرفه جيدا أنه لن ينظر إليها كما سيفعل مع طفله ليحدد (جنسه) و (اسمه)

التعليقات تعليق واحد

عذراً التعليقات مغلقة

  • احمد شما
    احمد شما 25 نوفمبر 2016 - 7:58

    كلماتك كما اعتدت ان اقرأها … رونك وابداع .. حماك الرحمان يا مقلة القلب ومهجة الفؤاد

عاجل