هل سيكون هناك حقيقة يوماً ما؟؟

رغدة حسن21 سبتمبر 2017آخر تحديث :
رغدة حسن

إذا حدث وفتكت بك حقيقة ما، كأن تكتشف أن الدقائق التي حفظتها في خزانة ذاكرتك، لم تنمو وبقيت في صندوق مظلم ولم تتحول لساعات ومن ثم لأيام وسنوات.

وأن الفراشة التي علقت بشبكة العنكبوت على نافذتي، استمرت في انتاج الألوان النادرة، لتسبغ على زجاجها أطيافًا جديدة من الضوء، رغم توقف دروة حياتها.

بأن مصطلح “حقيقة” مجرد اسم، تم اختراعه وتنصيبه ليعتلي ذاك المكان العصي.

كما تم اختراع مسميات شتى لأشياء لا نعرف ما كان أصلها
المرأة- الرجل، الحب- الكراهية، الاستحواذ- الشراكة، الصحة- المرض، الحرب- السلم، الجمال- القباحة، الفرح- الحزن، النبل- النذالة، اليقين- الوهم، التناص- “التلاص1” ويكون نقيض التناص هو الخلق والإبداع أيضًا.

التناص هو تشكيل نص جديد من نصوص سابقة وخلاصة لنصوص تماهت فيما بينها فلم يبق منها إلاّ الأثر، إعادة إنتاج لذاكرة الأفكار في لبوس جديد وهيكل حداثي.

أما الخلق، فهو الابتكار، صناعة جديدة غير مألوفة، وقد تكون صادمة في أغلب الأوقات.

اعتبر أفلاطون الإبداع البشري لغزًا محيرًا لا يمكن تفسيره إلا بالإلهام المنسوب للآلهة، مرتبطًا بالحالة الروحية والعقائدية للمبدع، لكن أرسطو اختلف معه جذريًا بقوله أن مصدر الإبداع هو الطبيعة مؤمناً بالتفسير العقلاني بدلاً من الاعتقاد بالعوامل “ما فوق الطبيعية”، ليقدم لنا كانط بطريقته الحاسمة والأكثر وضوحاً وثقة من سابقيه، أن الإبداع هو خلق ماهو غير موجود كما أنه ليس محاكاة للطبيعة.

فرويد يعزي الإبداع إلى اللاوعي… أما فيلهلم رايش صانع “الثورة الجنسية” فيعتقد أن كل شيء يعود بالنشأة للأورغون، واعتبر رايش أن الأورغون هو طاقة الحياة الكونية والمختبئة فينا، والبنية التحتية للطبيعة كلها، وهذه الطاقة هي المسؤولة عن أفعالنا إذا كانت مبدعة خلاّقة أو غير خلاّقة.

ولأن الصحة النفسية التي تقودها وتوجهها الصحة الجنسية هي أساس وعينا وإدراكنا للمحيط والواقع، ومحرك الخيال والإبداع فينا، كان لزامًا علينا تحريرها، وحسب رايش أيضًا أن الإستبداد موجود طالما أن الثقافة الجنسية معتقلة ومحكومة بأطر دينية ومذهبية واجتماعية وقوانين تحرّم وتحاسب.

ويقول رايش أن الطاقة الجنسية طاقة صافية ونقية وقادرة على شفاء الأمراض وبالإمكان تحويلها إلى قدرة على الإبداع.
تلتقي أفكار رايش مع علم التانترا ( الجنس الروحي) الموجود في أقاصي الشرق ومنذ عهود قديمة جدًا نحو عشرة آلاف عام تقريبًا، حيث كان يلجأ أهالي الشرق الأقصى للاستشفاء بالطاقة الجنسية.

قد يكون ما سبق ذكره من معلومات وأفكار لعلماء ومفكرين وهماً، أتى به الخيال، وقد يكون حقيقة.

ما هي الحقيقة؟

هناك نظريات تقول أن الحقيقة خاصية بحد ذاتها، بينما نظريات فلسفية أخرى تصفها بأنها ليست إلا وسيلة من وسائل اللغة.

تعتبر الأديان أن الله هو الحقيقة المطلقة والثابتة أبداً، وهو المقياس والمرجعية لكل الظواهر، بينما يعتبر آخرون بأن ليس هناك حقيقة مطلقة وثابتة وما كان اليوم حقيقة مثبتة قد نكتشف غداً بأنه كان وهماً.

فيزياء نيوتن التي كانت تقول أن الزمن مطلق، جاء آينشتاين وأقنع العالم أن الزمن غير مطلق.

كنا نعتقد أن الأرض مسطحة، اليوم نقول الأرض كروية، لا نعرف غداً ما ” الحقيقة” التي سنقتنع بها.

يقول الكاتب بيتر أوستينوف: الحقيقة طموح ليس في متناولنا تحقيقه.

وأنا أضيف على مقولته بأن لا شيء حتمي حتى وجودي.

* التلاص: مصطلح يعود ابتداعه للشاعر والناقد الفلسطيني عزالدين المناصرة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل